السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
بداية أشكركم على المجهود الذي تقومون به، وأتمنى دوام هذا المنتدى في خدمة المهمومين والمرضى.
حتى لا أطيل وباختصار: بيتنا له تاريخ بكثير من المشاكل الزوجية أي منذ زواج والدي والتي ساهمت في تفاقم الأزمات النفسية والأمراض العقلية...!
لا تستغربوا (أبي وأمي وأختي الكبرى وأخي الأكبر) أربع مرضى في بيتنا، نعاني من مشاكلهم واضطرابات سلوكياتهم نحن من الصغر.... إليكم بعض المعلومات:
أبي في الستينات من عمره، له شخصية جد معقدة هي خليط بين الشخصية البارانوي المتعالي، والشخصية السيكوباتي الأناني، بالإضافة إلى معاناته من صدمة نفسية أثرت على حياته الزوجية، وهي فقدانه لذراعه أثناء ثورة الجزائر مما استدعى ذلك إلى متابعته عند أخصائي في الأمراض العقلية وليس النفسية! وهو منذ قرابة الأربعين سنة يتعاطى أدوية الاكتئاب مثل [الأنافرانيل. تراكسين. ديازيبام] إلى وقتنا الحاضر.
مستواه الدراسي (دراسات في العلوم الإنسانية وعلم الاجتماع) ولكنه بعيد عنها تماما فهو مسبب الأمراض النفسية في بيتنا!!!.
منذ أن خرجت إلى الحياة، وأنا لا أرى إلا صور العنف والشجار والضغينة بين أبي وأمي، حتى أدق المعلومات قبل ولادتي ومنذ زواجهما أعرفها بالتفصيل منذ صغري لكثرة سماعنا ذلك من طرف والدي خاصة.
أبي الذي كان يقوم بوضع مائدة مستديرة، ويحكي لنا معاناته مع أمي وصبره عليها لأجلنا. وفي الأخير يسألنا سؤالا: (من تحبون أكثر أنا أم أمكم؟) خاصة أختي الكبرى التي استطاع أن يغسل دماغها فهي تكره أمي كثيرا. وتقول لها: (أنت لست أمي أكرهك).
لقد كادت أمي أن ترمي بنفسها من الشرفة في بداية زواجها؛ لكثرة الاتهامات والمضايقات من طرف والدي. الذي يضعها دائما في موقف المتهمة المدافعة عن نفسها، ويسيء دائما تأويل كل كلمة تقولها، ويبحث بين الكلمات عن النوايا السيئة، ومهما حاولت إثبات براءتها يزيد هو من شكه واضطهاده!!!
وعندما كبرنا نحن صار يسير معنا بهذه الطريقة، يتوقع منا الغدر والخيانة منا. كنا صغارا أذكر أنه قال لنا: عندما أكبر وأصير شخصا ضعيفا لا تتصوروا أنكم تقدرون على إهانتي أو إذلالي، سأحمل المسدس وأطلق النار عليكم..!!!
عانينا معه من التهرب من المسؤولية في الإنفاق والتداوي والكسوة والغذاء... يشح علينا بماله! وهو كثير الانتقاد لكل أفراد العائلة ما عدا أختي الكبرى وأخي الأكبر الذين صارا عدوان لدودان له...!
دخل كل من أبي وأمي المستشفى الأمراض العقلية... أمي أصابتها نوبات اكتئاب شبيهة بالفصام بعد ولادتي.
أنا، هربت أمي من البيت ودخلت عند جارتنا، وقالت لها: إنك تخفين زوجي عندك أخرجيه... وجاءت سيارة الإسعاف وأخذتها، وبعد التشخيص أدخلت إلى المستشفى لكنها لم تكن في حالة هذيان، مكثت به أياما ثم خرجت...
تعاني أمي من مرض الوسواس القهري المتعلق بالنظافة لا تتصوروا معاناتنا معها. لا تقنع بشغلنا! تعيد الغسيل والتنظيف.. تسهر الليالي في غسل الأطباق والملابس... أصيبت بتورم في يديها وانسداد في عروق شرايين يديه.. هذا الأسبوع أجريت لها عملية جراحية في يدها.. بتاريخ 15 جانفي 2011... واليد الأخرى فيم بعد.
شديدة الانفعال والعصبية، كانت تضربنا كثيرا في الصغر... تهجر البيت كثيرا... الجيران كلهم وصل إلى مسامعهم شجاراتها مع والدي... كثيرة الغيرة على أبي ...لا تحتمل أن تراه يكلم امرأة بحكم عمله... وتقيم الدنيا وتقعدها إذا شكت أنه يخونها!! وتُسمع القاصي والداني.. كثيرة التصنت على مكالماته الهاتفية، وهو يعلم بذلك حتى صار يتكلم في الهاتف ويقصد أن يُسمعها حتى يغيظها أكثر...!!
لم تشرب الدواء في حياتها. تعاني من الضغط المرتفع [23.16] وتصلب الأوعية الدموية في الرقبة، وآلام الظهر الشديد والرأس لدرجة أنها تضع حجرا ثقيلا فوق رأسها عند النوم في الماضي.
أختي الكبرى تعاني أيضا من حالات هيستريا، لا تتفاهم معنا. لديها دراسات عليا فرع صيدلة تخصص علم المناعة، كانت المدللة من طرف والدي ويده اليمنى، هي المراقب العام علينا وعلى أخبار أمي ومعاملاتها مع أهلها لتوصلها لأبي بالتفصيل، طموحاتها كبيرة، تحب معيشة الترف والأغنياء، تقود السيارة وتذهب إلى حيث تشاء، يثق فيها والدي كثيرا.
خصوصياته هي من تعلم بها، أمواله تحت تصرفها. مشاريعه أيضا ووثائقه الخاصة عندها، لكنها ليس مثالية دوما معه فهي تخونه أحيانا.. والويل لمن يفضحها.... لكن أحلامها تبخرت وأصيبت هي أيضا بنوبات اكتئاب شديدة قبل زواجها وبعده، وأثر ذلك على هندامها وتحصيلها الجامعي. كانت تدير مختبرا في المستشفى وأخذت إجازة بعد الولادة، ولم تستطع مباشرة عملها ثانية... فعلا حالها يدعو للشفقة... لكن دورها في تفعيل المشاحنات في البيت لا يزال متواصلاً.
أخي الأكبر وهو بيت القصيد ترتيبه الثالث في الأسرة: (1) أختي الكبرى، (2) أخي المتوفى من مرض سرطان في عمر 13 سنة عام 1989م، (3) أخي بيت القصيد: طفولته انطوائي ولديه عقدة: (لا يدرس عند امرأة معلمة)! كان متعلقا بكثرة بوالدتي في صغره. وبعد وفاة أخي المريض الذي يكبره بعام فقط تأثر كثيرا به لأنه الصديق الحميم. أثر ذلك على تحصيله الدراسي في المستوى الثالثة متوسط بعد أن صفع أستاذة الإنجليزية!.
شبابه أمضاه في النوم والكسل، مصروفه متوفر عنده من طرف والدي -الذي كان يشجعه على الخمول حتى لا يفقده- كثرة الفراغ، مشاهدة التلفاز والقنوات الهابطة والجنسية، يمارس العادة السرية، أصيب بالوسواس القهري في سن مبكر حوالي 18 سنة، لديه أفكار جنسية، يتلفظ بألفاظ بذيئة (أسماء العورات)!.
يتطفل علينا عندما نكون نائمات يحاول لمس جسد إحدانا نحن من أصغر منه. يتعرى سطحيا وليس كليا، خاصة أمامي أنا التي أصغره!!
كاد أن يضرب أبي في أحد الأيام. يسب الدين عندما يغضب. كثير الاغتسال والوضوء حتى تسلخت يداه. يترك الصلاة مرارا. أفطر في رمضان السابق. كثير الشكوك نحونا. لا يكلم أحدا. نوبات الغضب تنتابه لأتفه الأسباب. يقوم بتكسير أثاث البيت. لديه هوس السرقة المرضي. كثير العتاب والشكوى لوالديّ ويحملهما المسؤولية ويقول لهما (أنتما من دمرا حياتنا، لماذا أنجبتمونا؟ لستما والدايّ..) -عمره 33سنة- كان يسمع أحيانا أصوات ويكلم نفسه، ويصرخ عندما يستحم، لديه رفقاء سوء.
في الحقيقة لا أستطيع أن أسرد كل المعلومات، ولكنني أود أن تساعدوني في علاج أخي، وكيف أستطيع أن أعينه كي يزور أخصائي نفساني لأن حالته في تدهور مند 10 سنوات؟ أتمنى من كل الأساتذة أن يدلوا بحلولهم، ويبعثوا بها إلى بريدي الإلكتروني.
رجاءا لا تبخلوا علي، وإذا كانت هناك استفسارات أخرى سأضيفها إن شاء الله، والله الموفق.
18/02/2011
رد المستشار
الأخت الفاضلة "حمالة الهموم"؛
بعد التحية، قد وصفت أسرتك بأنها مستودع للأمراض النفسية... وفعلا.... يتضح من الشكوى الأثر الوراثي الواضح والأثر العلاقاتي الأسري والتربوي في انتشار الأمراض النفسية، وقد تصل إلى الأمراض الذهانية (العقلية) بين أفراد الأسرة.
ولا أظن أن هناك شخصا بعينه بين أفراد الأسرة مسئولا مسئولية مباشرة عن ما يحدث في العائلة من تفكك واضطراب. وأقول لك أننا إن نظرنا للمسألة من الجانب الديني فسنجد أن لله حكمة ما في لمِّ شمل فردين مثل ما تصفين به أبوك وشخص آخر مثل ما تصفين به أمك لكي ينتج هذا النسيج المتماسك وغير المتجانس من الأشخاص مثل ما تصفين به أخاك وأختك ثم أنت رغم أنك لم تقدمي معلومات البتة تصفين بها نفسك.
وإذا نظرنا للمسألة من الناحية الموضوعية فهو عدم التوفيق في الاختيار من طرف أسرة والدتك على الأقل لزوج مثل زوجها وذلك للتباين الشديد بين سمات (وراثة) ونمط (وصف) كلا الشخصين:
- فوالدك تعرف شخصيته بالشخصية الهذائية والتي تتميز باعتقاده أن مكانه وسط المجموعة لا يمثل المكانة التي يستحقها وأن ذلك يمثل مستوى أقل بكثير مما يستحق ويحاول تصيد السلبيات لدى الآخرين ويحاول إيصالهم إلى المواقف الحرجة ويعامل الآخرين بتعال لاعتقاده أنه فوق الجميع ومقولته المشهورة: الهجوم خير وسيلة للدفاع، ويتصيد الأخطاء على درجة عالية ولديه دائماً مجموعة من الأسئلة ليواجه بها الآخرين وتجدينه يتنقل من مكان لآخر بحثاً عن الأخطاء وليس لديه احترام لمشاعر الآخرين.
وهذه هي كيفية التعامل معه (في حالته الطبيعية): فلا تفقدي السيطرة على أعصابك معه ولا تفتحي له الباب الكامل ليقول كل ما عنده وأصغى إليه بدرجة عالية ولا تعطيه الفرصة للسيطرة الكلامية. كذلك لا تحاولي استخدام السؤال المفتوح معه، لأنه ينتظر ذلك ليحاول إثبات أن لديه المعلومات الدقيقة حول الموضوع المطروح أكثر بكثير مما لديك، لأنه يشعر عند توجيه السؤال المفتوح إليه أنه هو حلال المشاكل وأن رأيك لا يمثل أي قيمة بالنسبة له. واستعملي معه أسلوب: نعم..... ولكن،
مثال: إنك فعلاً على حق ولكن لو فكرت معي بعد ما مر به من أحداث وبترت يديه تفاقم معه الوضع وأصبح يعاني من اضطراب الشخصية الهذائية وهذه الحالة أشد وطأة من سابقتها حيث يفقد الإنسان البصيرة وتقدير الأمور وعواقبها وتصل الأعراض المرضية فيها إلى درجة الاكتئاب الذهاني والذي يجعل صاحبه ببساطة من نزلاء المصحات النفسية.
- ووالدتك تعرف بالشخصية الوسواسية والتي تتميز تتصف هذه الشخصية بالانشغال المفرط بدقائق الأمور، وعدم القدرة على التعامل مع روح النظام، وإنما التصلب في التعامل تقيدًا بحرفية الأنظمة لا معانيها. وهذه الشخصية تُبالغ في المثالية، والإسراف في العمل بلا استرخاء، وعدم القدرة على الاعتماد على الآخرين في إنجاز الأعمال، وانعدام المرونة والعناد في ذاته، كما تتسم عادةً بالبخل والضمير الحي جدًا لدرجة المرض والمبالغة في حفظ الأشياء غير المهمة. ثم تعرضت أمك لمعاناة أخرى وهي احتمالية ما يسمى ذهان ما بعد الولادة والذي نتج عنه اضطراب الوسواس القهري.
بطبيعة الحال مثل هاتين التركيبتين ممكن أن يتعايشا ولكن بصورة غير تكيفيه فالأب سلطوي نافذ والأم مستكينة ضعيفة تؤنب ضميرها على توافه الأمور بصورة صارخة مستفذة فرغم المعاناة والشكوى لا يفكران حتى في طلب الانفصال فكل منهما متصل وملتصق ويغذى مرضية الآخر التي تساعده على الاستمرار في الحياة. وكان نتاج هذه العلاقة ابنه ذكية تتقمص العنيف (الأب) لكي تواجه الحياة وتتطلع لتحسين أوضاعها النفسية الاجتماعية بصورة نرجسية هستيرية واضحة فتصطدم بالواقع المؤلم فتتدهور حالتها وتفقد اهتمامها بنفسها.
ابن (بيت القصيد) ضعيف موتور غير سوى يقابل صعوبات في مواجهة الحياة فيلجاء إلى العالم التغريبي والانفصالي والتخيلي بمشاهدة الأفلام الجنسية وممارسة العادة السرية ومرافقة السوء ليجد لنفسه مكانا في هذا العالم ويتظاهر مرضه بالاضطراب الفصامي والذي تندمج فيه الأعراض فيظن أنها أعراض وسواسية وهى عمليات عقلية ليحافظ على عدم تفسخه.
أصدقك القول أن الوضع جد معقد وصعب (كان الله في عونك).... ولكن....... أمامك خيارات صعبة:
1- أن تتركي كل شيء على حاله وتهتمين بشئونك بمنأى عن الجميع (أي لا تحاولي البناء فوق المبنى المتصدع فينهار تماما)..... وهذا أسهل الحلول.
2- أن يودع على الأقل كل من أبيك وأمك وأخيك كل على حدة ويعالجان فرادى دوائيا ونفسيا قبل أن يتم التعامل مع العلاج الأسري – ولا ننسى الاهتمام بقضية أختك حيث أن سواءها وتكيفها سوف يساهم كثيرا في رتق هذا الجرح الكبير والمعقد وكذلك أنت وذلك لدراسة وضعك وقدرتك وطبيعة الدور الذي يمكن أن تقومي به للم شمل هذه الأسرة. وطبعا هذا الحل سيحتاج إلى فريق متكامل من الأطباء والأخصائيين النفسيين وأخصائي الإرشاد النفسي والاجتماعي.
أتمنى لك التوفيق والتحية مع دعائي لك ولأسرتك بالصحة والسلامة.