رد المستشار
صديقتي العزيزة، كثيرًا ما نكون نحن جزء أصيل فيما نشكو منه، فقرارك بالاستمرار في حياة زوجية تعيسة لسبب آخر غير رغبتك في مشاركة زوجك يجب أن يكون متحمل مسئولياته هو أنت لا غيرك، فاختيارك البقاء معه حتى لا تنهار المكانة الاجتماعية لأولادك لا يجب أن يدفعه أولادك بدلًا منك!، فحين فكرت خطئًا أن بقائك مع زوجك الخائن سيجعل شكل البيت قائم في نظر الآخرين، وسيجعلك تتجنبين خراب البيت، كان غير صحيح ولا حقيقي؛ واسألي نفسك ما هو الخراب الحقيقي للبيت؟،
هل بقاء وجوده في شكل حوائط وأبواب، وأثاث، وتليفونات حين تدق تجد من يرد عليها؟، أم هو القسوة، والجفاء، والبغض، وتحمل الألم النفسي وجرح الكرامة، والشجار، أو الصمت القاتل؟هل صيانة أولادنا في ظل علاقة زوجية مريضة حتى الموت بما فيها من آثار نفسية شديدة على نفوسهم أفضل من مواجهتهم لقصة انفصال الوالدين؟
هل يجوز أن تخلطي الأوراق لدرجة أن تجعلي تفوق ابنك الدراسي هو ما سيعوضك على خسارتك في العلاقة الزوجية بأبيه؟
وهل التفوق الدراسي ودخوله كلية الطب هو حلم يحلم به ولدك، أم مقابل لاختيارك البقاء مع أبوه يجب أن يكون حلمك هو حلمه وغير ذلك يكون ناكرًا للجميل؟
كم مرة حمّلتي ولدك مأساة زواجك بأبيه ليدفع معك ثمن اختياراتك؟
هل ستفكرين للمرة الألف أن التفوق هو الطب والهندسة فقط؟ أم أن النجاح في أي مجال هو النجاح الحقيقي؟الاجتهاد في الدراسة يسبقه عوامل ليتحقق؛ منها الاستقرار النفسي الذي يرتبط بدرجة كبيرة بالتوافق داخل الأسرة ورؤية الأبناء لعلاقة سوية بين الأب والأم فيها ود وحب ومرح، تراحم، يسبقه تدريب على وجود هدف يدفعه للدراسة، ويكون هدف يريده هو، يسبقه التعرف على طرق الاستذكار بطرق تتناسب مع شخصية الابن، يسبقه تشجيع ومؤازرة وتعاون ولا يأتي بالنقد، واللوم، والتبكيت، وتحميله مسؤولية إحساسك بالفشل المزدوج حين لا يدخل الطب.صديقتي.... لا تتصوري للحظة أنني لم أشعر بمعاناتك؛ فمعاناتك مؤلمة عميقة جُرحت فيها أنوثتك وتبددت فيها أحلامك، ولكن لا يجوز لي ألا أريك خلطك للأوراق وتداخلها مع مساحة علاقتك بأولادك؛ فحين نختار نتحمل نتائج اختياراتنا ولا نحمّلها لآخر، فاستعيدي تحكمك في أفكارك وفي مشاعرك بتصحيح الخطأ منها، وممارسة التربية الصحيحة لتجني ثمارها بشكل أفضل، فبالود، والصداقة، والتشجيع، والاحترام تكسبين أولادك، وكلما تنفسوا حريتهم بدرجة مقبولة، وكلما حققوا أحلامهم هم كلما كانوا أفضل في تحصيلهم الدراسي، ولا نتوقع كمتخصصين في المجال النفسي، أن يستقيم ويستقر أبناء في ظل أسرة فقدت أهم ركن من أركان قوتها وهي العلاقة السوية بين الأبوين، ولكن كلما اجتهدت في التواصل الجيد والسليم قدر إمكانك مع أولادك ستتحسن أحوالهم عامة بقدر هذا الاجتهاد، ويمكنك الاطلاع على مقالات متخصص في فن المذاكرة، واستراتيجيات الذاكرة والتذكر وغيرها من الأمور التي تفيد أولادك ولكن يبقى ما وضحته لك هو الأهم.