أ.ر.ق النساء : اضطراب الرغبة الجنسية قاصرة النشاط في النساء (Hypoactive Sexual Desire Disorder (HSDD
حصلت التوصية الشهر الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية بترخيص عقار جديد لعلاج اضطراب الرغبة الجنسية القاصرة النشاط في النساء والجميع ينتظر إن كانت شركة الأدوية ستحصل على الموافقة النهائية والرخصة بتسويق العقار أم لا وسط أصوات اجتماعية ونفسية وطبية في غاية الاستقطاب حول هذا الاضطراب وعلاجه.
هناك من يشتعل حماساً لاستعمال هذا العقار وهناك من يستنكر بشدة العقار والاضطراب على حد سواء. وبالطبع هناك سخرية المواقع والإعلام من هذا العقار (والطب النفسي) الذي سرعان ما تم منحه لقب شي أكرا She-Agra.
المصطلح المستعمل لوصف الاضطراب لا يصلح للاستعمال اليومي ومن جراء ذلك تم اختصاره بأربعة أحرف وهي HSDD حتى بدأت هذه الاحرف الأربعة بالانتشار ومن جراء ذلك يستحسن اختصار المصطلح العربي لثلاثة أحرف وهي أ وتشير إلى وجود اضطراب طبي نفسي ور إشارة للرغبة الجنسية وق لتمييزها بأنها قاصرة في نشاطها وفعاليتها. بما أن الحديث عن هذا الاضطراب في يومنا هذا يتعلق بالإناث دون الرجال يستحسن إضافة النساء ويصبح بعد ذلك أ.ر.ق النساء.
الأصوات المؤيدة لاستحداث هذا التشخيص وعلاجه تقول بأنه خطوة جديدة للمساواة بين الرجل والمرأة وتوقف الطب عن التمييز بين الجنسين في المشاكل الجنسية ويساعد على حل مشكلة شائعة عند النساء لا يبالي بها الذكور من جراء غطرستهم وطغيانهم.
أما المعارض فيقول بأن هذا التشخيص وعلاجه ما هو إلا لعبة جديدة من الطب النفسي ومحاولته تطبيب مشاكل يجب حصرها وعلاجها ضمن نموذج اجتماعي ونفسي وسلوكي دون صياغتها في إطار طبي بحت.
الأصوات المعارضة تدعي بأن هذا الاضطراب واستحداثه كان في منتصف التسعينيات من خلال اجتماع في مدينة كيب كود Cape Cod يقال والله أعلم، كان نصف المشاركين في المؤتمر من العاملين في شركات الأدوية العملاقة والنصف الآخر مجموعة من الأقلية الطبية المختصة بالاضطرابات الجنسية. تم بذل الجهود لخلق هذا الاضطراب لأن شركات العقاقير العملاقة أدركت بأن هناك سوقا هائلاً يجب استغلاله في هذا المجال. دخل الاضطراب بصورة أخرى المجلد التشخيصي الإحصائي الخامس في 2013 وتدريجياً انتشر استعمال المصطلح البديل الجديد أ.ر.ق. النساء على كل لسان.
جدال لا نهاية له
لكن الكثير يتوقف ويسأل ويطلب الجواب عن:
٠ كيف تعرف الجنس؟
٠ ما معنى الشبق Desire الجنسي؟
٠ وما الذي يعنيه الطب النفسي حين يتحدث عن الرغبة الجنسية إن كانت في الواقع أو الخيال؟
٠ وما هو الإشكال إن كانت هناك مجموعة من البشر لا رغبة لهم في الجنس؟
لكل فريق جوابه على هذه الأسئلة وبالتالي ينتهي النقاش إلى الدخول في جدال فلسفي ونظري بحت عن معنى الجنس ومعنى الشبق وبالتالي معنى الاضطراب؟ المصطلح بحد ذاته أشبه بخيمة تضم مجموعات نسائية تعاني من مشاكل اجتماعية أو نفسية أو طبية منها:
٠ آلام في المناطق التناسلية
٠ فقدان الثقة في النفس
٠ عدم الرضى عن صورة الجسد
٠ مشاكل في العلاقات العاطفية
٠ ضحايا اعتداء جنسي سابق
٠ شريك جنسي أو زوج لا يبالي باحتياجات شريكته لا من قريب أو بعيد. لا يفهم ولا يسأل.
ولكن ربما هناك مجموعة من النساء قد تقف وتقول ليست لدي أي رغبة في الجنس وهل هذا يعني بأني أعاني من اضطراب نفسي على حد قول أطباء النفس ومجلدهم التشخيصي؟
الفريق المساند لهذا التشخيص وعلاجه يدعي بأن التشخيص يتطلب عزل جميع الأسباب أعلاه وضرورة تأثير غياب الشبق على الحياة الشخصية والعائلية بصورة ملحوظة2. ولكن هذا الرأي من الصعب القول بأنه يطابق الواقع في الدراسات الميدانية والشهرة الإعلامية لـ أ.ر.ق. النساء. هذه الدارسات تطرح أرقاماً خيالية لا تقل عن أن 33% من النساء مصابات به وقلما تحرص على التفريق بين الاضطراب كما يعرفه الطب النفسي وكما يعرفه بقية الناس3. الحقيقة هي أن هذا الرقم لا يستند على دارسات ميدانية يمكن الوثوق بها والحقيقة أن نسبة انتشار هذا المرض قليلة جداً ومن الصعب تعريفه وتشخيصه بدقة لا شك فيها.
رغم أن العقار ربما سيساعد مجموعة صغيرة جداً من النساء ولكنه سيصبح عقاراً آخر سيتم استغلاله في المجتمع وبدلاً من تثقيف النساء ومساعدتهن في حل مشاكلهن الاجتماعية والنفسية والزوجية سيكون الطريق مختصراً بأن ابتلاع حبة واحدة سينهي المشاكل ولا حاجة إلى البحث عن حلول لتدهور العلاقات مع الزوج. بعبارة أخرى ابحثي عن العقار أولاً فربما أنت السبب في تدهور الحياة الزوجية وعثور زوجك على عشيقة له أو زوجة ثانية!
النموذج الطبي لـ أ.ر.ق النساء
النموذج الطبي الكيمائي المبسط لـ أ.ر.ق النساء لا يخفي على أحد (نموذج أدناه) واستعمال العقاقير لعلاج غياب الرغبة الجنسية بالعقاقير1 ليس حديث العهد. الطب النفسي شديد الحساسية من علاج الاكتئاب وتأثيره على الشبق الجنسي عند النساء ولكن الحقيقة أن معظم الأطباء لا يبالي أو يخجل من الاستفسار عن الأعراض الجانبية الجنسية عند المرأة وهي بدورها تتحرج من طرح الموضوع خاصة إذا كان الزوج يرافقها.
أما العقار الجديد الذي يخوض جولته الثانية للحصول على الرخصة والتسويق فهو الفيبانسرين Fibanserin.
النظرية خلف هذا العقار هو أن قلة الدوبامين وزيادة السيروتنين تقلل من الشبق عند النساء وبالتالي فإن وظيفة العقار هي الوصول إلى حالة من التوازن بين المادتين وبالتالي زيادة عدد الفعالية الجنسية الجيدة شهرياً بنسبة 50%. يمكن قراءة الاستنتاج بصورة أفضل وهي زيادة الفعاليات الجنسية المقبولة بمعدل 0.5 إلى 1 % من نقطة بداية هي 2-3 شهرياً. على القارئ أن يصل إلى استنتاجه الخاص بتحديد هذه النقطة وتعريف العتبة في الدارسات حول أ.ر.ق النساء.
رغم بعض المعارضة الإعلامية لتسويق هذا العقار وتردد الجهات المختصة ولكن الكثير يتوقع تسويقه وإن لم يحدث ذلك فليس من الصعب دخوله الأوساط الجماهيرية عن طريق سوق سوداء.
ربما يقول البعض بأن الطب النفسي تقدم نحو الأمام في حل أسرار السلوك البشري ولكن هناك من يقول بأن عدد أعداء الطب النفسي سيتضاعف بفضل المصطلح وعقاره.
المصادر:
1- Brannstein G, Sundwall D, Katz M, Shifren J et al (2005). Safety and efficacy of a testosterone patch for the treatment of hypoactive sexual desire disorder in surgical menopausal woman: A randomised placebo controlled trial. JAMA Internal Medicine 165(14) 1582-89
2- Simon J (2010) Low sexual desire-is it all in her head? Pathophysiology, diagnosis and treatment of hypoactive sexual desire disorder. Postgrad Med 122(6): 128-36
3- Warnock J (2002) Female hypoactive sexual desire disorder epidemiology, diagnosis, and treatment. CNS drugs 16(11): 745-753.
واقرأ أيضاً:
الرضا الجنسي بين الزوجين؟؟ مشاركة / الجنس في حياة الفتاة العربية! / خفوت الرغبة الجنسية / البرود الجنسي في النساء / جنسي زواجي Marital Sexual Problems برود جنسي