شريعة الغاب الدولي تقضي بأن الذي يطالب بحقه عدواني الطباع والسلوك، ومَن يتنازل عنه مسالم ومتحضر وودود.
تلك آلية سارية في التفاعلات الدولية، ولا يوجد ما يُسمى بالمصالحة، بل أنها مناطحة والمتردي فيها طيب المذاق على موائد الافتراس الحضاري السعيد.
القوي لا يفاوض الضعيف بل يأمره، وعليه أن يذعن ويستسلم، وإلا انفتحت عليه أبواب الوعيد، فكيف يصح في الأفهام التفاعل المنصف بين القوي والضعيف؟
ما يجري في عالمنا المعاصر، كالذي يحصل في سوح الغاب كل يوم، أسد يزأر، وذوات الأظلاف تلوذ بالفرار، وتتعقبها الذئاب والضباع، وتجهزها لصولة أسد هصور.
والدول ترتيبها كترتيب مخلوقات الغاب، فيها المفترِس والمفتَرَس، وكل منها يبحث عن طعام ويحاول التصارع من أجل البقاء، وبعضها تجتاحه أعاصير الانقراض المبيدة.
الثراء الريعي المجاني لا يعني القوة بمعناها الغابي التطلعات، بل ربما يجعل من أصحابها أهدافا سمينة للأسود المكشرة الأنياب وذات الزئير الصاخب.
كم من الدول الثرية فازت بلحومها الأسود الساعية للهيمنة على سوح الغاب، وتسخير ما دونها من المخلوقات لتأمين طعامها، والحفاظ على بأسها وسلطانها القاضي بتوفير وجبات يومية من أبدان ذوات الأظلاف، والتي تأكل النباتات، ولا تمتلك أنيابا ولا مخالب.
فتنازل عن حقك لتكون لطيفا وهين الافتراس!!
أقوياء كيف شاؤا صانعيها
ضعفاء كمساكينٍ عليها
أسدُ الغاب شديدٌ مُستهابٌ
وظباءٌ ذات لحمٍ يشتهيها
وكذا الأحياء هانت دون نابٍ
كضحايا لأسودٍ تزدريها!!
واقرأ أيضا:
ما كان لن يكون!! / السرّاطون لا يرأفون!!