الواقع العربي يعيش معضلة التكرار الوخيم المهيمن عليه منذ سقوط بغداد في القرن الثالث عشر وحتى اليوم، فلا جديد فيما يطرحه المفكرون العرب، وإنما هو إعادة تفسير بأساليب ومفردات أخرى، وينحشرون في زوايا "لماذا" التي تأخذهم إلى ذات الأجوبة، وإن ظهرت بلباس آخر. فلو قرأنا للمفكرين العرب في القرن العشرين وفي عصرنا الحالي، لتبين لنا أنهم يجيبون على جميع الأسئلة بجواب واحد مشترك بينهم جميعا - إلا ما ندر وشذ منهم، وهؤلاء يحارَبون ويتم إقصاؤهم- وما استطاعوا الإتيان بحل اقرأ المزيد
مجتمعات الدنيا تتعلم وتزداد خبرة وتستجمع طاقاتها وقدراتها فتتقدم، ومجتمعاتنا تتعمم فتنكمش وتتهدم، وتندحر في أقبية الغابرات، وتمعن بالضلال والبهتان والتبعية والخنوع والهوان. فلماذا لا تتعلم مجتمعاتنا؟ من الواضح أن سيادة الأصوليات بأنواعها تسبب ومنذ زمن بعيد في تعطيل العقل ومنعه من الاستعمال والتوظيف، بل أن موضوع تفعيل العقل أصبح من الممنوعات والمحرمات، والبعض يحسبه كفرا ويرجم أصحاب العقل بالإجرام وبالزندقة والخروج عن سكة السمع والطاعة، والإذعان لإرادة الكرسي المنان. وفي العقود القليلة الماضية تغيرت أحوال وتبدلت موازين قوى وانهارت آليات حكم وأنجبت دولا منبثقة عنها، اقرأ المزيد
منذ بداية القرن الحادي والعشرين والبشرية في رحلة انتقالية غير مسبوقة، تتعرض فيها العقول والنفوس إلى مشاهد وأحداث لا تستطيع استيعابها والتفاعل معها، لأنها خارج نطاق قدرات العقل والنفس البشرية، فالضخ المعلوماتي السريع لا يمكن للرؤوس والنفوس أن تدركه، وتتواصل معه بكامل وعيها وقدرتها على الحياة. وبسبب ذلك فإن الملايين من البشر يميلون للانكماش والانعزال والاندحار في ذاتهم ويجردون اهتمامهم بأي موضوع، لأن الواقع الذي هم فيه يبدو وكأنه محيط متلاطم الأمواج والأعاصير، فكيف سيتحقق إبحارهم في لجج التدفق المعلوماتي وتيارات التواصل الاجتماعي المهووسة. اقرأ المزيد
يتحدثون عن الأنا الفردية ويمعنون بهذا السلوك وكأن البشر بلا "أنا"، لكنهم يلحون على أن الأنا متضخمة ومتورمة، وما شئت من التوصيفات، وهم بذلك يعبرون عن أناهم المتفجرة وكأنها قنبلة تدمير شامل، ويتناسون أو يغفلون الأنا الوطنية. فلماذا لا نتحدث عن الأنا الوطنية؟!! هل أن الوطن بلا أنا؟!! الأنا طاقة حيوية كامنة في أعماق الأحياء ولها حجمها وقوتها وقدرتها، ولا يخلو مخلوق من الأنا، لأنها آلة البقاء والنماء والانتصار على التحديات والمواجهات القائمة في الواقع الذي تكون فيه وتتفاعل مع مفرداته، ولولاها لما تمكنت المخلوقات من الحفاظ على نوعها، ذلك أن الطبيعة الخلقية والإرادة البقائية تقتصي اقرأ المزيد
المفكرون العرب ينسبون التأخر الذي أصاب الأمة إلى عوامل خارجة عنها وبعضهم يقترب باستحياء من عوامل قائمة فيها، ويغيب عن اقتراباتهم خطايا وآثام العلماء العرب الذين ما أوجدوا أسسا للتواصل العلمي، وما أسسوا مدارس للعلم والتعلم، وإنما اعتبروا العلم مقصور على الخواص، وأنه قوة عليها أن تحوم حول الكراسي وتوظف لصالح السلطان، وبهذا السلوك أسهموا بموت العقل العلمي في الأمة، وركزوا على الموضوعات الدينية، التي هي وسائل يضعونها بيد السلطان لتأمين الحكم والسيطرة على الناس، ولهذا ازدهرت المذاهب والتصورات المرتبطة بالدين، وبموجبها حكم السلاطين . اقرأ المزيد
الصحافة عمل مسؤول يهدف إلى تحقيق السلوك الإنساني المتوازن والمقبول من المجتمع لأنه يحقق مصالحه ويبني حاضره ومستقبله. وليس من الصحافة بصلة أي عمل لا يهدف إلى إظهار الحقيقة وتوعية الناس وتسليط الأضواء على ما يراه الصحفي مهم لحياتهم وأمانيهم، فإغفال الحقيقة وطمسها عمل غير وطني لا يحق لمرتكبه أن يتواصل في موقعه، لأن معرفة الحقيقة حق إنساني مشروع لا يمكن التغاضي عنه. وبسبب تعودنا أو تربيتنا على طمس الحقائق وتزييفها، فإننا نشعر بالخوف والتهديد من أي صحفي يحاول أن يكشف ما هو مستور وكاذب أمام الرأي العام، ويحسبه المسؤول القائم به اعتداء عليه وكراهية له، ويبدأ باستحضار آليات الدفاع . اقرأ المزيد
الانتحار منذ بداية العقد الأخير من القرن العشرين وحتى اليوم ومختبرات إنتاج المصطلحات التفريقية لأمة العرب والمسلمين في ذروة إبداعها، وماكنتها الإعلامية تروّج بضائعها التي تتفنن بتعليبها وإخراجها لتكون ذات إقبال واستهلاك مربح. ويقوم الكُتاب بتوجيه أو بغيره بالتسويق الفائق لبضائع المصطلحات، وقد بلغت هذه التجارة غايتها في الزمن الذي يسمونه ديمقراطي، وما هو إلا عدواني وتدميري وتخريبي وإتلافي لكل ما يمت بصلة لأمة العرب. وقد طغت على وسائل التواصل الاجتماعي البيانات والتصريحات والمنشورات المعززة للفرقة، والمؤججة للضغينة والكراهية وتنمية الأحقاد والتصارعات الدامية ما اقرأ المزيد
مبعث في المجتمعات المعاصرة تكون الأقلام أعمدة أساسية في البناء الديمقراطي، ورسالتها واضحة، وهي قول الحقيقة والعمل على إظهارها بشجاعة معززة بأدلة وبراهين؟ وإذا فقدت الأقلام رسالة الحقيقة، فلا وجود للديمقراطية مهما توهمنا وتصورنا. وفي مجتمعات الحقيقة المقهورة، والفساد السائد القدير، لا يمكن القول بوجود ديمقراطية، لأنها مختصرة بصناديق الاقتراع المسيرة وفقا لإرادات لا ديمقراطية. وخصوصا عندما يكون الرأي مملوكا ومبرمجا بآليات التبعية والمهارات التخويفية والترعيبية الفاعلة في المجتمع، والتي تقودها العمائم المتاجرة بالدين والبلاد والعباد. اقرأ المزيد
مبعث هذه المقالة توارد عدد من المقالات المكتوبة بأقلام مأجورة أو معادية للتأريخ العربي، وهي تسعى للتقليل من قيمة وأهمية الإسهامات العلمية والثقافية للعلماء الذين حملوا مشعل الحضارة العربية، وذلك بتكفيرهم وتحريم النظر إلى علومهم وكتبهم، وهي تستند على قال فلان وذكر علان، وكأن فلان وعلان هما الأوصياء على البشرية والدين، وما هم إلا كغيرهم من الذين حاولوا أن يتعلموا الدين وعلوم الفقه، لكن بعضهم ذاع صيته وصار ما يقوله فصل المقال، وهذا خطأ درجت عليه المجتمعات العربية والمسلمة، مما أضعف قدراتها المعرفية وعطل عقولها وإرادة البحث فيها. اقرأ المزيد
سألني أحد الأخوة الإسبان قائلا: أنا في حيرة من أمركم، ما هي علتكم؟... فأنتم فخرنا ومجدنا وتاريخنا المشرق، كنتم في أسبانيا لثمانية قرون، قدمتم فيها أرقى العلوم والآداب والثقافات والإبداعات العمرانية والجمالية، وأخرجتم أوروبا من ظلمات عصورها إلى مسارح الأنوار الساطعة. وأضاف: لا أعرف ماذا جرى لكم فأصبحتم بهذه الحالة السيئة؟ صدعني كلامه وأدهشني حماسه وانفعاله وما عرفت الجواب إلا أن أقول بحزن : لا أدري!! فما وددت الخوض في مأساة العرب، وما هم عليه من تفاعلات لا تتفق وأبسط بديهيات المصالح وعوامل البقاء والتواصل، اقرأ المزيد