لكل زمان مبوقون ومعوقون، وتلك سنة الحياة وموازينها الفاعلة فيها منذ الأزل. فالضد يُظهِر حسنه أو قبحه الضد!! ولكل كرسيٍ مبوّق ومعوّق، فهناك جنود خير وجنود شرّ، ولهذه الجحافل ينتمي أصناف البشر بمسمياتهم وعناوينهم ودرجاتهم المعرفية. والتاريخ يحدثنا أن للكراسي فقهاء مبوّقون ومعوّقون، وينتصر المبوّقون على المعوّقين مادام الكرسي يتمتع بالقوة والسلطان، لكن المبوّقين يذهبون هباءً مع الكراسي التي تغيب وتغرق في بحار المظالم والمآثم والخطايا. ولا جديد في أمر تجاذب وتنافر بعض أقطاب الحياة مع الكراسي، فالمست اقرأ المزيد
التدمير الأفظع الذي يتعرض له الوجود العربي هو استهداف البنية العقلية التحتية للأجيال، وتحريرها من معين القوة والاقتدار والقابلية على الوقوف بوجه الأخطار. ولهذا تتعرض اللغة لهجمة عدوانية فتاكة، وكذلك التاريخ والدين، وبموجب هذا التواصل العداني الاقتلاعي لأسس الصيرورة العزيزة تتهاوى قلاع العرب ومعالم وجودهم الأصيل. والأفدح من ذلك أن أبناء الأمة هم الذين يقومون بدور الانقضاض على البُنى التحتية الفكرية والثقافية والقيمية والأخلاقية للأمة. اقرأ المزيد
ما أن زال غبار ما جرى في حرب الأيام الستة قبل نصف قرنٍ وثلاثة أعوام حتى طغت على الأسماع كلمة "نكسة" وصار المفكرون والمثقفون والإعلاميون والكتاب والشعراء وأصحاب الثقافة والقلم يتحدثون عن "النكسة"!! وكأن الأمم لم تخسر معارك ولم تنهزم في حروب إلا العرب، فهل قالت ألمانيا أنها أصيبت بنكسة بعد الحرب العالمية الثانية؟ وهل ذكرت ذلك فرنسا أو بريطانيا؟ لا توجد مثل هذه المسميات في مجتمعات الدنيا، لكنها منتشرة في مجتمعاتنا ويُهلِّل لها الكتاب والمثقفون والمفكرون ويأنسون بها، ولا تزال عقولنا وإبداعاتنا تتحدث عن "النكسة" بل اقرأ المزيد
الوجود العربي مستهدف برمته، وهذا ليس بالأمر الجديد، وإنما هو قائمٌ قبل سقوط الدولة العثمانية بعدة قرون، فالعرب هم الأمة الوحيدة في تاريخ البشرية التي تمكنت بدينها أن تبني حضارة متواصلة بدولة قوية حتى نهاية الحرب العالمية الأولى. ومن يتتبع التاريخ يكتشف أن التوجهات التنويرية التحديثية النهضوية في زمن محمد علي والخديوي إسماعيل في مصر تم الإجهاز عليها، وكذلك المشروع الذي انطلقت به ثورة مصر بعد سقوط الملكية، وتواصل الانقضاض على إرادة الأمة وبكثافة غير مسبوقة في العقود الأخيرة من القرن العشرين وتفاقمت في القرن الحادي والعشرين. اقرأ المزيد
"وما نيل المطالب بالتمني......ولكن تؤخذ الدنيا غِلابا" التمني عاهة أسطورية فتاكة مقيمة في وعينا الجمعي، وتوهمنا بأننا نحقق ما نريده بموجبها ووفقاً لمقتضيات وطاقات التمني القابعة في دياجير رؤانا. فديدننا التمزق والتناحر والتصارع والتبعية وتجاهل المصالح الوطنية بأنوعها، لأن الوطن حالة لا وجود لها في أذهاننا. فالمقسم يُقسم، والضعيف يزداد ضعفاً، والنيران تتأجج، والتناحر يتنامى، والوجيع في ذروته القصوى، فالعربي يقتل العربي، والمسلم يقتل المسلم، وأبناء الوطن الواحد يتذابحون وينكل بعضهم ببعض. اقرأ المزيد
الشعراء كتاب التاريخ الحقيقيون الصادقون، ولكي نعرف التاريخ علينا أن نعود إلى ما دونه الشعراء في فترات حياتهم، فقصائدهم فيها انعكاسات ساطعة لما يحصل في زمانهم ومكانهم. كنتُ في حوار مع أحد الأصدقاء الضالعين في الدراسات التاريخية وهو بدرجة الأستاذية، وكنت أستفهم منه عمّا حل بمدينة عربية من خراب فأغرقني بأسباب عديدة، فقلت له لكن الشاعر الفلاني قد وصف خرابها بقصائده مما يعني أنها تخربت بعد فترة وجيزة، وهذا لا يتفق والأسباب التي ذكرتها والتي جاءت بعد عدة عقود من وصف الشاعر للخراب، فانتبه وذكر لي ب اقرأ المزيد
المثقف جزء من عقل الأمة إن لم يكن عقلها، وقد فشل المثقفون (كتّاب، شعراء، مفكرون وفلاسفة) في بناء رؤية معاصرة و تنوير الكراسي والأحزاب وإرشادها إلى سواء السبيل. وهذا الفشل المروّع الذريع جعل وجودنا ضبابياً خالياً من القسمات الحضارية، مما أهّل الآخرين للقيام بدورهم التأويلي وبإلقاء التهم والتوصيفات الجائرة علينا. فكلما تساءلتُ لماذا يرانا الآخرون بعيون أخرى ويرسموننا بفرشات وألوان مغايرة لحقيقتنا، أكتشف أن السبب المهم يكمن بفشل المثقف في بناء الرؤية الضرورية لتوضيح صورة الأمة بجوهرها وما فيها من القدرات والتطلعات الإنسانية. اقرأ المزيد
البشرية منذ الأزل تستخدم الدين ولا تخدمه، فالدين في الحضارات القديمة كان الوسيلة الأقدر للقبض على الناس والتحكم بمصيرهم، فاستخدام الدين يمنح القوة والهيبة والحرية المطلقة للتحكم بأحوال البشر المحكوم بسلطان يمثل ديناً. أما الذي يخدم الدين فهو الضعيف البائس الفقير الذي عاف الدنيا وطلقها بالثلاث، وراح يذل نفسه ويؤدبها ويستجلب عليها الوجيع لكي يفوز بما بعدها من نعيم موعود. ولا يختلف أي دين عن غيره في هذين المفهومين، فالأديان يسود فيها الاستخدام وتقل فيها الخدمة، فلا دين يخدمه أهله بسلوكهم وإنما يستخدمونه لتبرير سلوكهم. اقرأ المزيد
الوطن بحاجة إلى قلب واسع رحيم وعقل حكيم, إلى إنسان يستطيع أن يغسل القلوب بماء المحبة والصفاء والنقاء, إلى إنسان يقدر فيعفو، ويتمكن فيصافي, الحب يتفجر من قلبه، والصفاء يفوح من عيونه, فلماذا لا نكون جمعينا ذلك الإنسان؟! يقول الأمام علي (ع ) " أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة" ويقول أيضاً " أعقل الناس أعذرهم للناس" الوطن بحاجة إلى قطع حلقة المشاعر السلبية المفرغة التي مضى في دوامتها منذ ابتداء عهده بالأحزاب اقرأ المزيد
أهل البهتان يحسبون غيره هو البهتان, وما يرونه الحقيقة المطلقة القويمة البنيان, وفي هذا تكمن أخطر التفاعلات البشرية وتتحشد أسباب الويلات الجسام. للبهتان أسس وأعمدة تشيدها نوازع النفوس الأمّارة بالسوء, وهي متنوعة ومتطلعة لتأكيد ما فيها من الدوافع المتوّجة بالشرور والأسقام. ولها سلطات جاذبة وإرادات صاخبة تستولي على العقول وتمتطيها لتسويغ غاياتها والوصول إلى مراميها مهما كانت غريبة وسيئة. وفي معظم الأحيان لا تكون العقول متحررة منها, مما يتسبب بأعمال وتفاعلات ذات أضرار كبيرة ومتعاظمة على جميع المستويات. فالأمور يُ اقرأ المزيد