نمطية التفكير الفاعلة في واقعنا الثقافي والفكري تنطلق من التحليل والتفسير، وتظن أن مهمة المثقف والمفكر أن يقوم بذلك وحسب. وبسبب هذه الآلية السائدة لم يتمكن المفكرون والمثقفون من تحريك المجتمع ورفد الأجيال بما يعينها على التفاعل الإنجازي مع حاضرها ومستقبلها. ومعظمهم يربطون ما يحصل في الواقع بما جرى منذ قرون وقرون، ولا يقدمون ما يساهم في وضع الأسس المعاصرة لرؤية ذات قيمة مؤثرة في صناعة الحاضر واستحضار المستقبل. فماذا يقدّم التحليل للأجيال وبماذا سينفعهم التفسير؟ اقرأ المزيد
من الملاحظات الغريبة المتكررة في واقعنا الاجتماعي والثقافي أن العربي إذا قال أنا عربي أو اعتزّ بعروبته وهويته انهالت عليه التوصيفات السلبية وحسبوه كما تشتهي أنفسهم. وكأن القول بالعروبة يتسبب بإثارة زوبعة من التقديحات. والأمر مُحيّر، فالهندي يعتز بهنديته، والتركي بتركيته، والإيراني بإيرانيته، والفرنسي بفرنسيته، والإنكليزي بإنكليزيته، والصيني بصينيته وهكذا شعوب الدنيا وأممها. فهي تعزّ انتماءها الوطني والقومي، وما سمعنا أو قرأنا عمّن يتهم الإنكليزي أو غيره لأنه يتباهى بهويته وقوميته. لكن الأمر يختلف عندما يتعلق الأمر بالعروبة والعرب!! إذ ستنهض بوجهك أقلام تكتب بالعربية وتكره كل ما هو عربي فتحط من قدره ودوره وتلغي اقرأ المزيد
الغِل: الحقد الدفين، الكراهية والضغينة الكامنة. الغِل نار تسري في أعماق المخلوقات بأنواعها، ويتجسد بقوة ووضوح في بعض البشر الذي يُسيّره الحقد ويقض مضاجعه التفاعل المشحون بالكراهية والعدوانية الماحقة. وهذه النار تأكل ما يجيش في الأعماق ويتوارد إلى خيال البشر، وتصطبغ بها أفكاره وتصوراته وما ينضح منه ويبدو عليه. والغِلوائيون هم الذين يُدمّرون الحياة ويسفكون دم وجودنا الجميل فيقتحمونها بما عندهم من مؤجّجات الشرور وباعثات البغضاء والنفور. وكم من غِلوائي عبث بمصير الناس اقرأ المزيد
الرموز متعددة وهي كالعلامة التجارية المسجلة التي تشير إلى شركة ما أو مؤسسة أو جمعية أو حزب، فلكل حالة ما يرمز لها ومن المعروف أن الدول تختار علماً يرمز لها وشعاراً يمثلها، ولكل منها نشيدها الوطني المترجم لذاتها وآليات تؤكد جوهرها. فالرمز إشارة لمعاني وتفاعلات وسلوكيات عليها أن تؤكدها في الواقع المكاني والزماني، وأن يكون الرمز أميناً ووفياً لما يمثله ويتصل به. وعندما يرمز الشخص لدين بما يظهر به ويلبسه من زي يشير إلى أنه ممثل رسمي وعملي لذلك الدين فعليه أن يكون أميناً صادقاً في تحمل المسؤولية اقرأ المزيد
ذات يوم كنت أتجول في شوارع طوكيو اليابانية، وفي زحمة الناس استرعى انتباهي انتفاء القبلات في شوارعها فسألت صديقي الياباني قائلاً: لم ألحظ شابا يُقبّل شابّة في شوارعكم المكتظة بالناس!! فحدجني مندهشاً وقال: التقبيل في الأماكن العامة مُستهْجَن وليس من ثقافة المجتمع، إنهم يقبّلون بعضهم ولكن ليس أمام أعين الناس. حضرت هذه الملاحظة في زمن الكورونا الذي ألغى القبلات وجعل الناس تخشى من بعضها حتى بين المتزوجين والعاشقين المُتيّمين ببعضهم فخلت شوارع اقرأ المزيد
المسلمون منهمكون بقتل بعضهم البعض، فالقتل صار من الإيمان وفقاً لفتاوى المعادين للدين من الذين يباركون الإثم والعدوان والفعل المشين. تصلني صور ومقالات تتحدث عن النصر المبين للمسلمين على المسلمين، وتتفاخر بعدد القتلى وتعرض أشلاء المسلمين أمام المسلمين والعالم، وتنادي "انتصرنا"!! ولكي يقتل المسلم المسلم يحتاج إلى مُعمّم مُبرمَج دجّال يدّعي أنه من العارفين بالدين، ومن حوله قطيع من الجاهلين يملي عليهم هذيناته وما ترغب به النفس الأمّارة بالسوء فيُنفّذون دعواه الإجرامية ويتوجّهون لقتل المسلمين الآخرين لأنهم حسب تصوراته الشريرة من الكافرين. اقرأ المزيد
الدول الأوربية كانت تقضي على علمائها ومفكريها في العصور المظلمة، التي تسيّدت فيها الكنائس، وامتلكَ الصلاحيات الإلهية المطلقة البابا والمخولون عنه في المدن الأوربية، وكانت تواجههم بأبشع الوسائل الترهيبية، التي تمنعهم من البوح عمّا لا يتفق ومنطلقات الكنيسة أو سيّدها. فقتلُ الأعلام دليل على أن الشعوب تعيش في الظلام!! وأوربا تحررت من تلك العصور وأطلقت الحرية للعقل وبه تطوّرت وإرتقت وتقدمت وتفوقت على مختلف الأصعدة والمستويات، وفي مجتمعاتنا بدأت العصور المظلمة بعد أن غادرتها المجتمعات الغربية، اقرأ المزيد
ملخص الحكاية من الختام إلى البداية يمكنه أن يكون في بضعة سطور تغنيك عن ألف رواية ورواية. فالعالم الغربي أرعبته دولة بني عثمان على مدى قرون متواصلة تجاوزت الأربعة، فقررت دوله المتحالفة أن لا تسمح بمثلها. وما أن تمخضت الحرب العالمية الأولى عن انتصارها عليها حتى نشبت مخالبها وأنيابها في لحمها وشحمها وعظمها، وأمسكتها بقبضتها الحديدية. وساهم في انتصارهم العرب الملعوب بأمرهم والمضحوك عليهم من قبل أعدائهم الذين استخدموهم للنيل من الدولة العثمانية، وبعد أن غنموا الغنيمة رموا العرب بالذل والشتيمة، ومزقوا ثورتهم الكبرى اقرأ المزيد
المتعارف عليه في الإسلام أن أول كلمة جاء بها الوحي هي "اقرأ" ومن بعدها تواصل النزول حتى اكتمال القرآن. وعندما يُطرح سؤال "لماذا اقرأ؟" كيف سيكون الجواب؟ فلماذا لم تكن كلمة بلّغ، اعمل، اجهر وغيرها من المفردات؟ اقرأ في جوهرها الوصول إلى المعرفة، ولكي تعرف يحب أن تفكر وتتبصر وتُعمل العقل بما تقرأ لتستشف الأفكار الكامنة فيه فترى بوضوح وتكون أبصر. اقرأ المزيد
الذي هيمن على الوعي الجمعي العربي وحدد مسارات الرؤى والتصورات ربما كتاب الغزالي في القرن الحادي عشر المسمى "تهافت الفلاسفة" الذي كتبه بأسلوب حواري رداً على الفلاسفة العرب وانتهى بتكفيرهم لأنهم اعتمدوا على الفكر اليوناني الذي يراه وثنياً مما أدى إلى اعتبار ما جاؤوا به كفراً. والفلاسفة المعنيون بالتكفير هم الكندي والفارابي وابن سينا، لكن الغزالي ترك الحبل على غاربه في موضوع قتلهم بعد تكفيرهم. وقد تصدى للغزالي بعد قرن العلامة الفقيه الطبيب الفيلسوف ابن رشد في كتابه "تهافت التهافت" الذي أعاد فيه للعقل قيمته ودوره الحضاري المنير. اقرأ المزيد