استشارة حول الاكتئاب وأعراضه الجسدية
السلام عليكم،
قبل 3 أشهر توفيت أختي الوحيدة، وبعد مرور شهر ونصف على الوفاة دخلت في اكتئاب بدأ بظهور أعراض جسدية عليَّ (عدم انتظام دقات القلب، ضيق التنفس، رجفة، صداع مستمر، ألم في الأطراف) فقمت بالفحوصات العضوية اللازمة، وكلها كانت سليمة والحمد لله .
فنصحني طبيب الأسرة بزيارة طبيب نفسي، الذي وصف لي دواء البروزاك "fluoxetine 20mg" حبة كل يوم، فتحسنت حالتي بشكل ملحوظ، ولكن خلال الأسبوع الأخير شعرت بألم في كتفي ويدي، وبصداع متفاوت القوة والموضع في الرأس، أصبحت قلقا جدا بسبب ذلك، فانتابني وسواس حول أخطار دواء البروزاك، وقمت بالبحث على الإنترنت حيث وجدت في بعض المواقع أنه دواء خطير ويؤثر سلباً على المخ (أورام الخ ..)، كما أنه دواء إدماني ويسبب أعراض انسحابية خطيرة.
أرجو مساعدتكم،
نفسيتي مهزوزة وأقضي كل وقتي في البحث على النت حول مضار الأدوية مضادة الاكتئاب مما يزيد حدة قلقي عند قراءة معلومة سلبية
19/6/2017
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله أخي "أمين"، ومرحبا بك في موقع مجانين
ورحم الله أختك وأكرمها بعفوه وجوده.
أفهم أنّ تشخيصك لحالتك بالاكتئاب نابع من تشخيص الطبيب نفسه ؟
أم أنّه اجتهاد منك، ثم ذهبتَ للطبيب وأعطاك الدواء ولم يخبِركَ بالتشخيص التفصيلي لحالتك؟
لأنّ الأعراض التي تصف أعراض نوبة قلق وهلع crise d’angoisse et ou attaque de panique ، وقد تترافق مع اكتئاب سابق لها أو بعدها. والبروزاك يُعالجون به نوبات الهلع أيضا إضافة إلى استعماله المشهور كدواء للاكتئاب والوسواس القهري. هذه النوبة تأتي أحيانا بعد موت قريب (خصوصاً إن كان محبوباً) بشكل لا شعوريّ، نتيجة لصراع نفسي داخليّ لم يسيّر بشكل جيّد، أو مخاوف وقلق متعمّ وخوف لا شعوريّ من الموت أن يطالنا. إضافة إلى استعداد الشخصية القلقة.
أما عن التحسّن، لم تحدد لنا بالضبط متى تحسّنتْ حالتك، فتحسن نوبات الهلع يكون أسرع من تحسّن الاكتئاب، فهذا الأخير يحتاج مدة أطول. ولعلّ ما يؤكّد أنك مصاب بقلق ووساوس، أنّ أعراضا جديدا حضرتْك، أعراض لنوبات تُعاودك حسبتَها اختفتْ ! متزامنة مع قلقك وتوتّرك وتوجّسك، مما أعطى أعراضا نفسجسدية psychosomatique، فلجأتْ بك إلى البحث والتنقيب عن الدواء ومخاطره، وكأنّ قلق الإصابة المرض Hypocondrie ظهر مع النوبة، وهكذا دخلتَ دوّامة المخاطر وحربا جديدة بعيدا عن المشكل الأصليّ والذي يجب أن يعالج.
وأقول لك شيئا أخي "أمين"، هل هناك دواء خلا من الأعراض الجانبية ؟ وهل هناك دواء خلا من مخاطر إذا أسيء استعماله ؟ فيُمكنُ للأنسولين أن يقتل بجرعة زائدة، ويمكن لأقراص صداع الرأس والحمّى أن تُنتج حساسية شديدة تؤدي للوفاة إن لم تُعالج، وأدوية الصرع épilepsie التي تزيد الوزن تنجي من سقطات فجائية خطيرة أو مميتة وتشنّجات عنيفة مؤذية، فنختار أخف الضرّر... وهكذا. فلا بدّ من أعراض جانبية، تكون بين النادر جدا وبين المشتهر المتكرر وأغلبها يختفي بالتقادم واعتياد الدواء أو تختفي بعد التوقف عنه بعد اكتمال رحلة العلاج. ولا أعلم مصدرك عن تأثير fluoxitine على الدماغ وتشكيله للأورام، فليس كل معلومة في الشبكة تكون صحيحة. أما بالنسبة للإدمان والأعراض الانسحابية الخطيرة sevrage،
عموما مضادات الاكتئاب قد تخلق اعتمادية عند من يتداوى بها، ولكن طريقة سحب الدواء وتعاطي الطبيب معه، يقلّل أثر ذلك الإدمان ويقلل أخطار أعراض الانسحاب الفجائي. وأنبّه هنا إلى خطأ الكثير من المرضى في أخذهم الحرية التامة في قطع الدواء أو التقليل من جرعته أو زيادتها، مما ينتُج عنه خلل في العملية العلاجية (الطويلة أو المزمنة أحيانا)، ليتّهموا الأدوية بعدها والأطباء جميعا، فتُفقد الثقة في سيرورة لم يُترك لها مجال لتكتمل أصلا! ولا شكّ أن نظرتك الحذرة جدّا نحو أدوية الطبّ النفسي لا تخلو من تأثير التصورات الشعبية الشائعة عنها: بأنها مجرد مخدّرات وتسبب الإدمان، أو لا تفعل شيئا سوى تنويم المريض، وأنّ كل الأدوية عبارة عن مضادات الذهان الخاصة بالمرضى العقليين الذين يركضون في الشارع أو يتحدثون مع أنفسهم ! حتى سمعنا نصائحَ من عامة الناس بالامتناع نهائيا عن أدوية الطبيب النفسي والمطالبة بعلاج كلاميّ فقط !...
في حين أنّ أي دواء آخر يستقبله الناس مُهللين مستبشرين لِما وصل له العلم والطب فأراح العباد والبلاد ! وهذا حتى في مجال الأعصاب نفسه الذي يتداخل مع الطب النفسي ! ولكنّها الأفكار المسبقة والأحكام الجاهزة والازدواجية ووصمة العار اللصيقة بالطب النفسي وطُرُقه !
حاول مناقشة طبيبك في هذه المخاوف، لعلّه يعمل معك على جانب القلق المرضي ويصحّح لك بعض المفاهيم عن الدواء وأثره ومنافعه مقابل مضارّه.
ولا تنسى مناقشة طبيبك في هذا.
وإليك بعض الاستشارات:
هل أنا موسوسة؟ بل هو قلق واكتئاب
خوف من الموت وسواس واكتئاب
من آثار الم.ا.س.ا الجانبية