الوسواس القهري
أنا كنت مصابة بالوسواس القهري... مؤخراً تعالجت منه، ولكن في الصباح حدث معي موقف زعزع علاجي، فقد كنت أنوي فعل معصية من الكبائر ألا وهي أن أصرخ على أمي بسبب موضوع ما، وكنت على متن مصعد كهربائي، وأتتني فكرة تقول لي "إذا صرخت على أمك فسوف يعاقبك الله بأن يحدث لك هذا الوسواس (الذي كان يؤرقني سابقاً وتخلصت منه ألا وهو وسواس يخص المصعد الكهربائي)"، وأتتني فكرة أنني لو صرخت على أمي فسأكون قد تحديت الله لأن الفكرة قالت لي "إن صرخت عليها سيحدث لك هذا الوسواس بالضبط"، وما حدث أني بعد ذلك صرخت عليها _سامحني الله_.
أعلم أن العقوق من الكبائر _هداني الله_ ولكن المرجو إجابتي فقط حول هذا النوع من الوسوس، هل هو حقيقة؟ أم فقط فكرة وسواسية من الشيطان؟
الآن تسيطر علي فكرة أنني تحديت الله وسيأتيني ذاك النوع من الوسواس لأنني تحديت الله، فهل هذا منطقي؟
والأكثر من هذا أنني بعد هذا قلت "سأجرب شيئاً آخر لأرى هل فعلاً يحصل هذا الشيء" فقلت في نفسي "سأتحدى الله (فقط تجربة) أنه إن فعلت العادة السرية لن أحس بالشهوة (والقصد كان تحدي الشيطان وليس الله)"، هذا فقط كان تجربة لرجم الشيطان، ولكن عندما فعلت هذه العادة فعلاً لم أحس بالشهوة، والآن قد سيطرت علي فكرة أنني لن أحس بالشهوة بعد اليوم، وأريد أن أجرب في قادم الأيام هل سأحس بالشهوة أم لا.
المعذرة على الكلمات التي أقول، ولكن أريد أن تصل لكم الفكرة كما هي...
أرجوكم دلوني كيف أتصرف، فهل عندما أتتني الفكرة في أول الأمر كانت صحيحة؟ أم كان عليَّ تجاهلها؟ أم ماذا بالضبط؟
17/11/2020
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله.
تصف السائلة نوعاً من الوساوس يربط بين الأفعال التي تقدم هي عليها وبين عواقب قدرية قد تحدث لها أو لا تحدث، وهو نوع شائع من الوساوس يُعتَقَد فيه أن لأفعال الإنسان تأثيراً مباشراً في أقداره اللحظية، وهو ما لا تدل عليه نصوص الدين، فالدنيا كما تؤكد نصوص الدين دار بلاء لا دار جزاء، وقد يصيب الإنسان فيها الخير أو الشر من باب الفتنة والاختبار "ونبلوكم بالشر والخير فتنة" كما يقول القرآن الكريم، وينكر القرآن أيضا على الإنسان الربط المباشر بين أقداره الحاصلة له في الدنيا وبين مكانته عند الله تعالى، فيقول عز وجل: "فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمني، وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن.. كلَّا"، وكم من إنسان ارتكب من الكبائر والظلم والطغيان في الدنيا ما لا يقاس بما فعلت ولم تصبه عقوبة إلهية مباشرة في نفس اللحظة، وفي المقابل فأشد الناس بلاءً الأنبياء والصالحون.
لذلك على السائلة أن تعلم علم اليقين أن هذا نوع جديد من الوسواس يحاول أن يدخل إلى عقلها، ويجب أن تتجاهل هذه الفكرة تماماً وأن تحاول فعل الخيرات والبعد عن الأفعال الخاطئة في الدنيا استعداداً للقاء الله والحساب في الآخرة (لا خوفاً من عواقب دنيوية لحظية تصيبها في الدنيا حيث لم يرد ما يدل على ذلك في نصوص الدين)، وإذا استجابت لهذ الوساوس فلن يلبث الوسواس أن يدخل عليها من أبواب أخرى ويرغمها على فعل أشياء أو تجنب أشياء لا معنى لفعلها أو تجنبها إرضاءً له، فلتحذر من ذلك؟
والله المستعان.
واقرئي أيضًا:
وسواس العقيدة ذو حيلٍ عديدة
الوسواس القهري تتفيه الفكرة
الوسواس القهري معنى التجاهل!!
التفتيش في الدواخل : آفة الموسوس !