زواج الأقدار: تنتظر أخاها، والعريس سيطير!! م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من الردود أو الحلول على مشكلة الأخت (نجوى) بعنوان زواج الأقدار: حدث في مثل هذا اليوم! كان الرد التالي من د. أحمد عبد الله:
(يا إخواننا ويا أخواتنا: المؤمن يوقن بالقدر، ومعنى ذلك أنه لا يقع في كون الله سبحانه شيء خارج قدرته أو دون علمه، والرزق والأجل مثل الصحة والمرض كلها في أقدار الله. وأتفق مع القائلين بأن الزواج رزق مثل كل الأقدار، ولكن بعضنا -وأخشى أنهم أغلبية- قد انحرفوا بهذا المفهوم إلى الابتذال إلى ما نراه في التعري والتغنج لاصطياد الزوج الفريسة، وهي مغامرة ومخاطرة قلنا فيها قبل ذلك الكثير، ولعل العودة إلى تحذير من.. سيكولوجية الرجل الشرقي تفيد هنا.
بالمقابل نجد الفتاة المحافظة تجلس تنتظر "رزقها" مثل ابنتي التي تشعر بالميل تجاه هذا الزميل، ولا تريد أن تتصل به أو تقيم علاقة لأن ذلك حرام، وأستغرب من أنها أيضا لا ترى أن هذا العجز والقصور في طلب الرزق هو من الحرام أيضا! هل يجلس أحدنا في المساء وينتظر السماء أن تمطر عليه ذهبا أو فضة بمقدار الزرق الذي يقدره الله له، وهل هذه هي مقتضيات الإيمان بالقدر؟)
وأيضا قال:
(ثم إذا تأكدت نظرتها فلا بأس أن ترسل إليه من يحثه على التقدم لها)
سؤالي للدكتور هو: ماذا عمن هي في نفس وضع الأخت، ولكن لا يوجد لها وسيط ذو ثقة توسطه في أمرها؟ أو ماذا عمن لا يوجد لها هدف بعينه كشاب معين تحبه، لكنها تريد الزواج والستر وتكوين أسرة مسلمة؟ ماذا تعمل هذه غير الدعاء؟ أخبرني أرجوك؟!
7/11/2024
رد المستشار
الأخت السائلة:
ملايين الفتيات العربيات وضعتهن أحوالنا الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في ثلاجة انتظار قد يطول للزواج والستر وتكوين أسرة مسلمة، وأحسب أن الله يريد لنا جميعا أن نخوض ذات الشوكة لأنه يريد أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين.
لا تغيير لأحوالنا بغير معارك ثقافية واجتماعية سلمية أو طاحنة نقتلع فيها كل ما في واقعنا من حشائش طفيلية ضارة وأشجار خبيثة وأفكار وممارسات جاهلية.. لن تنحل مشكلة ملايين الفتيات وينجح تكوين تلك الأسر المسلمة التي يحلمن إلا إذا قامت على أرضنا الأمة المسلمة التي تعرف المعروف وتجاهد لإقراره ونشره وإذاعته وتنكر المنكر وتحاربه -إفراطا كان أو تفريطا، تشددا باسم الدين أو خروجا عليه- ولا مفر من أن يخوض أصحاب المصلحة في التغيير غمار هذه المعارك، فالتغيير مرهون بها، وعلى أسماعنا تتردد:
{إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} واختيار صيغة الجمع هنا مقصود بالطبع لا يضل ربي ولا ينسى فليس كافيا أن يتغير الفرد فيكون أكثر عبادة أو ذكرا لله سبحانه أو تنصلح أخلاقه وأحواله مع الله أو حتى أيضا مع الناس، لا بد أن نشتبك جميعا مع العقبات المزمنة والمشكلات ليحدث تغيير الأحوال بفضل الله وعونه.
أصبحت أختي أخشى وأتحفظ كلما سمعت أو قرأت كلمة أو دعوة لمواجهة ما نحن فيه بالدعاء؛ لأن هذا ابتذال لمفهوم الدعاء الذي هو في باب كبير من أبواب العبادة، لكنه أبدا لا ينهض بديلا عن العمل ولا عذر لقاعد عن العمل من أجل التغيير.
أعجب من حال المسلمين وهم يحملون رسالة لا تذكر الإيمان إلا مقرونا بالعمل الصالح ولا تقر صلاحا إلا في معاملة الناس بخلق حسن ومكتوب فيها الإحسان على كل شيء فلا قربى من الله برفع الأيدي فحسب، ولكن قبل هذا وبعده وأثناءه جبين يتفصد عرقا، وكدح لا ينتهي، وتعب لا يتوقف حتى يتنصر الحق أو تنتهي الحياة على هذا الحال من الاجتهاد في العمل.
وأنت تسألين:
ماذا تعمل المنتظرة غير الدعاء؟! وأنا أجيبك: تتعلم شئون دينها ودنياها وتشمر عن ساعد الجد، وتخوض معارك تغيير الأذهان والأحوال فلا تترك فرصة لتزداد من علم أو تبذل من جهد إلا وقامت بما ينبغي تعليما لجاهل أو مواساة لمكروب أو إذاعة لحق مكتوم أو محاربة لمنكر منتشر أو إصلاحا لفساد أو تفريجا لهم أو معاونة لمحتاج من أي نوع الحاجة.
وحين تعود إلى بيتها أو تأوي إلى فراشها بعد سعى اليوم وجهاده وبعد أن تؤدي زكاة العافية والعلم، وضريبة الانتماء لهذا الدين في هذا العصر المتطلب للجهاد والجهد.. حين تعود قواعدها بحصاد من الأعمال والاتصالات، وربما الحوارات والمناقشات والكتابات والقراءات والأنشطة والفعاليات، حين تعود إلى مخدعها منهكة القوى مكدودة الأعضاء بذلت ما رزقها الله من طاقة اليوم في سبيله عندما تكون هذه هي حالتها.. ساعتئذ يحق لها ويكون مقبولا منها أن ترفع أكف الدعاء ضارعة إلى الله سبحانه أن يرزقها من يؤنس وحدتها، ويقضي وطرها، ويأوي إليها وتأوي إليه إلى آخر معاني السكن والمودة والرحمة بالزواج.
ومن أخبار بني إسرائيل أنهم سألوا نبيا لهم:
لماذا لا يستجيب الله دعاءنا؟ فأوحي الله إليه أن يجيبهم: إنكم تخرجون إلى الصعيد بثياب نجسة وأبدان قد غذيت من حرام فأنى يستجاب لكم؟!!
وأنا أقول:
إن من يقبل على الله ببضاعة كثيرها الدعاء ومعه التقصير والقعود عن القيام بحقوقه وبمقتضى العبودية له بمعاداة كل منكر والسعي لتغييره وموالاة كل معروف والسعي لنصرته؛ من يقبل على الله وهذه حاله فكيف يطمح إلى الاستجابة أو يستبطئها؟!
وفي غمار تلك الحركة الدءوبة الكادحة يتلاقى الناس ويرى الأفاضل من الرجال أن هناك نماذج من النساء تستحق أن يتخلى الشاب الحر عن حريته ليدخل معها القفص الذهبي بمسئوليات وليحصل على عطاياه.
ليس مطلوبا ولا متوقعا ولا منطقيا أن يكشف الله للناس عن قلوب بعضهم البعض أو نواياهم، إنما يتعارف الناس بأعمالهم وأقوالهم وحركتهم في المجال العام، فإن قعدوا عن هذا لم تبق إلا الأشكال والهيئات والأجسام والأنساب والثروات يتفاضلون بها فيما بينهم. فتحركي بنصرة أفكارك ولتستقبلي أقدارك، وتابعينا بأخبارك.. والسلام.