أحييكم على موقعكم الرائع والمختلف بحق ربما هي ملاحظات وقلق بشأنها وليست مشكلة شخصية
ينتشر في مدارسنا منذ زمن ما يسمى بالإعجاب، سواء بين الطالبة وزميلاتها أو بينها وبين معلماتها....
وهو يتضمن حب التلميذة لهن، وإرسال الرسائل التي ممكن أن نسميها غرامية، إضافة إلى المكالمات الهاتفية الطويلة
التي يتضمنها الكثير من العتاب؛ بسبب ظن إحداهن أن الأخرى قد أهملتها أو أصبحت تميل لغيرها...
فما هو تعليقكم على ذلك؟
27/5/2025
رد المستشار
الأخت المرسلة، أنت واحدة من اللائى تدين لهن هذه الصفحة بالشكر؛ لأنها فتحت ملفًا يتحاشى الكثيرون والكثيرات فتحه.
وسؤالك في حقيقته استفسار عن طبيعة هذه المشاعر التي تصفينها: هل هي طبيعية فطرية أم شاذة ومنحرفة؟!
والمسألة تحتاج إلى بعض التفاصيل:
- قلنا قبل ذلك: إن جانب المشاعر والعواطف يتمدد في مرحلة المراهقة على نحو كبير، ولا نبالغ إذا قلنا: إن هناك موجة من الاندفاع تجتاح نفس المراهق أو المراهقة، وهذه الدفقة أو الموجة إن لم يكن المراهق مستعدًا لها على النحو السليم؛ فمن شأنها أن تسبب لها آلامًا ومعاناة قد تستمر لفترة طويلة، وقد تترك عليه آثارًا تبقى طوال حياته.
- يميل الإنسان في هذه المرحلة إلى توسيع دائرة معارفه وأصدقائه، وربما يغيب عن هذا التوسيع معيار التدقيق اللازم في الاختيار الحكيم للأصدقاء، وربما يكون هنا للأسرة دور في حسن انتقاء الصديق الأصلح من الناحية الاجتماعية والأخلاقية، ولكن يا للأسف فإن التشارك في فرز الأصدقاء بين الشاب (أو الفتاة) والأسرة يكاد ينعدم لأسباب لا يتسع المجال هنا لذكرها، كما أن ملاحظة الأسرة والمجتمع تكاد تقتصر على تحجيم العلاقة بين الجنسين، بينما تترك العلاقة بين الأشخاص من نفس الجنس مفتوحة بلا منهاج أو ضوابط!
- معظم مجتمعاتنا العربية والإسلامية تعاني من خلل عميق في مسألة إدارة العلاقة بين الجنسين، ووضع المرأة في المجال العام، وهذا الخلل سيظهر أكثر مع ضغوط التحديث المستورد، والعولمة التي تجتاح كل شبر من الأرض الآن.. والمتابع للأحداث يرى أن آثار غياب منهاج واضح- لإدارة شئوننا في هذه وغيرها- باتت صادمة ومتنامية، ولا يبتعد عن هذا مسألة إدارة العلاقة بين الأشخاص من نفس الجنس، وإذا لم ننتبه ونتحرك؛ فالنتائج ستكون في غير صالحنا، وسنعاني أكثر من شروخ عميقة في المجال الاجتماعي.
بعد هذه المقدمات الثلاث السريعة أقول لك:
أولاً: يمكن الحديث عن فراغ عاطفي شائع لدى الشبان، وهو لدى الفتيات أكبر، وناتج عن أسباب كثيرة، منها ضعف البناء الأسرى والاجتماعي، وقصوره عن الوفاء بالاحتياجات العاطفية لإنسان على نحو صحي وسلمي، فكلنا نحتاج إلى الاهتمام والحب المتبادل بأنواعه المختلفة، وحين تغيب الفرصة من الأصل أو تنعدم في الحصول على النوع المطلوب بالقدر المعقول تصبح الأجواء مهيئة لانحراف النفس، واضطراب المشاعر في بحثها عن حقها في الحصول على تواصل إنساني تشعر معه بالدفء ونبض الحياة.
ثانيًا: الحد الفارق بين المشاعر الطبيعية الشاذة؛ سواء بين الفتيات أو الشبان تكمن في أمرين: أولهما وجود مشاعر الميل الطبيعي للجنس الآخر، والتي قد تأخذ عند البعض صورة الميل إلى شخص بعينه، وقد لا تأخذ هذا الشكل، أما غياب محض هذا الميل إلى الجنس الآخر بما يشمله هذا الميل من أحلام يقظة ومنام، وخيالات عاطفية وجنسية أحيانًا.. غياب هذا الميل أو ضعفه يعد علاقة غير صحية تؤخذ في الاعتبار، خاصة إذا لم يكن في حياة الإنسان قضية كبرى تشغله عن مسألة العواطف والمشاعر برمتها، ولا أقصد أن هذا الانشغال هو الأمثل، ولكنني أقول إنه يحدث.
الأمر الثاني: يكمن في التعبير عن المشاعر والعواطف.. والشرع الشريف له توجيهات محددة في التعبير عن الحب؛ سواء بين الجنسين أو بين الأشخاص من نفس الجنس، وتجدين في السُّنة المطهرة مثلاً توجيهات واضحة عن هيئة الاستقبال والتوديع، ومظاهر التعبير عن الحب، وفي السيرة قصص متعددة تتضمن التطبيق العملي لهذه التوجيهات في علاقات الرجال بالنساء، وعلاقات النساء بالنساء، والرجال بالرجال.. وحين تكمل صورة العلاقات في مجتمع النبوة الأول في أذهاننا سنجد بونًا شاسعًا بينها وبين ما يحدث في مجتمعاتنا المعاصرة أحيانًا باسم المحافظة، وأحيانًا أخرى باسم الانفتاح والمرونة والتحديث!
ثالثًا: تأتينا رسائل كثيرة تتحدث عن الحب والإعجاب بين أشخاص من نفس الجنس، ونخشى من عدم الدقة في اختيار الألفاظ من جهة من يكتب، إضافة إلى وجهة النظر المسبقة من جهة من يقرأ؛ أن يصل بنا الأمر إلى تحليل وتوصيف غير منضبط، فالأمر يحتاج إلى دقة حتى لا نظلم أنفسنا، وننسب إلينا أو إلى أشخاص بعينهم ما ليس فيهم.
فالأخوة في الله، والصداقة المعروفة تتضمن نوعًا من الحب قد يصل إلى مرتبة الإيثار؛ أي تفضيل الإنسان لغيره على نفسه، وهي أعلى مراتب الأخوة، ولكن لا الأخوة ولا الصداقة بين نفس الجنس تتضمن الرسائل (الغرامية)، على حد وصفك، بما قد تتضمنه من غزل في المفاتن الجسدية، أو استخدام تعبيرات لا تكون إلا بين المتحابين من الجنسين، وهو ما يحدث على نطاق كبير؛ فلا الأخوة ولا الصداقة تتضمن نشاطًا حسيًّا يشمل المبالغة في التقبيل أو الملامسة الجسدية، وما هو أكثر أحيانًا بحجة أننا جميعًا رجال، أو نساء، ولا حرج.
فالشرع الشريف واضح في تحديد العورة، وضوابط التعري والملامسة بين الجنسين، وفي نفس الجنس، وحين يتطور الميل العاطفي إلى تعبير سلوكي وجسدي ينبغي الحذر أكثر.
رابعًا: أخشى أن أقول: إن الزواج لا يحل هذه المشكلات إن وجدت وتفاقمت، بل ينبغي من البداية ردع النفس عن الانسياق وراء الهوى الفاسد تجاه نفس الجنس، والميل بغير هدف أو جدوى تجاه الجنس الآخر، والصحيح أن للصداقة بين الأشخاص من نفس الجنس حدودًا ينبغي ألا تتخطاها، وللحب بين الجنسين معالم ينبغي مراعاتها؛ ليحدث التوازن المطلوب، والتواصل المرغوب، والذي لا تكون عمارة الأرض إلا به.. فالإنسان كائن اجتماعي، ولا يستطيع أن يتناسل وحده، اللهم إلا بالاستنساخ، ونعوذ بالله أن نرى يومًا يستغني فيه الرجال بالرجال، أو النساء بالنساء، أو يستغني فيه الإنسان بذاته عن العاملين..
اللهم أصلح أحوالنا أجمعين.
واقرئي أيضًا:
مصارحات موجعة: ميول شاذة أم مجتمعات مريضة؟!
هي وصديقتها... لقاءات في الظلام
العواطف المثلية المشبوبة: شاهدة من أهلها
بين الفتيات: لا خلوة، ولا قبلات
هكذا تكون: آلام الفراق بعد السحاق
تحديد الميول الجنسي حسب المستشار!
بين بنتين: السحاق بدءًا من العنق!