معاناة مع الوسواس القهري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله، أعاني من الوسواس القهري من قرابة 13 عاما، وكما هو معلوم يبدأ على شكل التزام ديني وفي أمور بسيطة ثم يبدأ بالتجذر، وما ذلك إلا لجهلي أنا وأهلي بطبيعة هذا المرض فلم أكن أدري عنه شيئا إلا بعدما بدأ بالاستفحال. لا أعرف من أين أبدأ؟ ولكن سألخص وضعي الحالي وما سبق في السنوات القريبة.
وسواسي هو في النجاسة فقط لا في الطهارة كالوضوء والصلاة والعقيدة... أتجنب كل ما قيل فيه في أحد المذاهب الأربعة إنه نجس ولو كان مستحدثا كالإيثانول... ومشكلتي الحالية تكمن في أني لا أستطيع مقاومة فكرة تنجس يدي أو ثوبي ولو كنت متيقنا أنني لم ألمس النجاسة فلو مررت يدي فوق قنينة كحول بمسافة متر لحكمت على يدي بالتنجس وأذهب لأغسلها مع يقيني بأني لم يصب يدي شيء...
صرت أتجنب الخروج من المنزل للطرقات بسبب النجاسات الموجودة كنجاسات الصرف الصحي المعطل أو حاويات القمامة التي يبول عندها البعض أو بسبب وجود الحمامات في أي مؤسسة حكومية فأخشى أن أتنجس، فإذا خرجت لصلاة الجمعة وهو خروجي الوحيد دائما ما أنظر من بعيد فإذا وجدت ماءً في الطريق أرجع وأذهب من طريق آخر دون أن أتأكد هل هذا ماء صرف صحي أو غسيل سيارة أو غسيل محل... حتى سجاد المسجد أحكم بنجاسته بسبب قربه من حمامات المسجد أو دخول بعض الناس بأحذيتهم أو وضع بعض الناس للعطر الذي فيه الكحول...
لدي عادة أني أتيقن من غسل موضع ما مع ذلك أكرر غسيله. في البيت لدي طقوس تغسيل كثيرة قبل الوضوء، كلما غسلت رجلي أعزكم الله أشعر أنها لامست كرسي الحمام الإفرنجي مع أني أعلم أن ظاهره طاهر لكني أكرر غسيلها مرات عديدة ومع العلم أني أستخدم الحمام العربي...
إذا انتهيت من التغسيل أذهب إلى المطبخ وأقوم بالتغسيل النهائي لليدين والرأس مع غسل ما حول وعاء الجلي والصنابير... فإذا انتهيت يجب ألا ألامس شيئا مطلقا ولو مجرد لمس مما يستعمله أهلي كالباب والحائط وكل شيء إلى أن أصل إلى مكان مخصص بي لا أسمح لأحد بالاقتراب منه... حتى أني لا أستطيع إلا الاستلقاء وجهة رأسي واحدة ولا أستطيع عكس الجهة لأن جهة الرجلين غير جهة الرأس في حكمي الوسواسي...
أصلي الآن واقفا دون ركوع أو سجود لأني لا ألمس الأرض ولو طهرتها بالماء... لا أسمح لأحد بالاقتراب من ملابسي وإذا رأيته اقترب مجرد اقتراب دون لمسها أغضب وأقوم بإعادة غسلها بطقوس عجيبة...
أنا أعيش في منزل عربي مفتوح السقف إلى السماء أعيش في ساحة الدار ولا أدخل الغرف حتى في أقصى درجات البرد فأحتمل البرد ولا أحتمل دخول غرفة دخلها غيري لأني لا أعرف على ماذا داس قبل أن يدوس أرض الغرفة ولا ماذا لمس قبل لمس أغراضها... فإذا فقدت الماء للطهارة أنتظرها واقفا لساعات كل يوم ولا أجلس على كرسي جلس عليه أحد...
لدي مشكلة عظيمة مع الأطفال الصغار ونجاساتهم. دائما ما أغسل الأبواب والحيطان وأغسل كل شيء، غسلت الكتب والأدوات الكهربائية وكثير من الأشياء، تعطلت حياتي العلمية كثيرا أنا محب للمعرفة والتعلم. عاجز عن الخروج وملاقاة الناس والأصدقاء وخاصة ممن لديه أطفال في منزله.
بداية 2022 كنت قد ذهبت لمعالج نفسي دوائي وصف لي ثلاث وصفات لا أذكر الأدوية التي فيها إلا الوصفة الثالثة فيها بروزاك السوري وأكثره نشاء وخال من المادة الفعالة، تحسنت بعد الوصفة الأولى قليلا ثم أتعبتني الوصفة الثانية بارتخاء الأعصاب وعدم التركيز دون تحسن ثم رجعت لي قوتي مع الوصفة الثالثة وكذلك دون تحسن... وكانت كل وصفة لمدة شهرين ثم تركت الدواء من تلقاء نفسي فعاد الوسواس لقوته لستة أشهر ثم بدأ بالانخفاض وتحسنت حالتي من دون أي علاج سلوكي أو دوائي لمدة سنة ونصف أو أكثر قليلا...
مع بداية 2025 صار لدينا طفل في المنزل هو ابن أخي أخبرت أهلي أني لا أستطيع أن أقبل بعيشه معنا ولكن لم يستجيبوا لي فصرت أدقق في كل ما تفعله أمه لتظيفه مثل تنظيفه في حوض الوضوء أو أين تضع حفاظته الوسخة وماذا لمست من أغراض المطبخ وغيره.... ومنذ ذلك الحين ازداد الوسواس بشكل لم أعهده من قبل إلى أن تحولت حياتي جحيما وكذلك حولت حياة أهلي في المنزل...
من قرابة شهرين ذهبت إلى معالج آخر وصف لي ثلاث أدوية بروزاك التركي وليس السوري ودامتيل 50 وكلومي فرازيل 25 والتحسن طفيف بدأ بعد أسبوعين واستمر أسبوعا واحدا تدهورت حالتي من جديد وبعدما فقدت بروزاك وصف لي المعالج فلوكستين وأنا إلى الآن لم أجد راحة أو تغيرا في السلوك أو تخفيفا في الشعور
أنا أعيش حالة رعب حقيقي من النجاسات كلها وأتبع أي وهم أو افتراض بتنجس أي شيء داخل المنزل، أو الطريق، أو المؤسسات، أو منازل الناس. لا أريد سوى أن أقدر أن أكسب عيشي وأعيش مع كتبي ولا هم لي وراء ذلك.
لا مانع لدي من نشر الاستشارة
ودمتم في أمان الله
26/10/2025
رد المستشار
الابن المتصفح الفاضل "حمزة خلف" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واستعمالك وإن شاء الله متابعتك خدمة الاستشارات بالموقع.
من المؤسف ألا يرد أي ذكر للعلاج السلوكي المعرفي في مناجزة حالتك على مر تلك السنوات وربما ذلك التقصير مجرد واحد من الأثمان التي يدفعها أهلنا في سوريا حيث أثرت أعوام الحرب بلا شك على تطوير الخدمات الطبية وتحديثها.
حالتك تحتاج يا ولدي –ككل حالات الوسواس القهري-إلى مقاربة أخرى مع مقاربة العقاقير وهي العلاج السلوكي المعرفي، وأول شيء نحتاج معرفته هو سبب وسوستك من النجاسات (أي نجاسات كما ذكرت) هل السبب هو الخوف من نجاستها؟ بمعنى تأثيرها على عبادتك؟ أم السبب هو التقزز والاشمئزاز الذي يعتريك تجاه احتمال التعرض للنجاسة؟ وإن كان الغالب على ظني أنه السبب الثاني.
لا أحسب أن استخدامك للعقاقير غير كثيرا من طريقة تعاملك اليومية مع النجاسات أي أن ذلك التحسن الذي أشرت إلى حدوثه من حين لآخر كان تحسنا مصحوبا بالتحاشي المفرط للنجاسات ومن المؤسف أن التحسن المبني على التحاشي ليس بتحسن!!
بعد تقييم حالتك جيدا ومعرفة التفاصيل يمكن الاتفاق على طريقة العلاج والتي لابد لتبدأها أن تتحرك من وضعية الاستسلام التام للوسواس التي تعيشها منذ فترة لتبدأ خطوات التعرض ومنع الاستجابة، والتي ستحتاج على الأغلب دعما عقاريا.
اقرأ على مجانين:
وسواس النجاسة التطهر التطهير القهري(1-2)
وسواس التلوث والتنظيف علاج وسواس النجاسة القهري(1-3)
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعنا بالتطورات.