ومن الوساوس ما نفع
أنا شاب أبلغ من العمر 20 سنة، وقد وهبني الله تعالى منذ طفولتي الوسامة والجمال، وبدلاً من أن يكون هذا سبباً من أسباب سعادتي صار هو السبب الرئيسي في شقائي في حياتي حتى الآن. وسأبدأ القصة من أولها، كان سني حينها حوالي 5 سنوات حينما أقدمت عمتي المطلقة -ذات الأخلاق السيئة والأطوار الغريبة- على ارتكاب جرم عظيم، على اغتيال براءتي وطفولتي، فذات يوم كنت جالساً معها بمفردي حين وجدتها فجأة تداعب عضوي الذكري بيديها الآثمتين، ثم قامت بممارسة الجنس معي وتكرر هذا الفعل مرات ومرات وأنا لا أعي ولا أفهم خطورة ما تفعله معي عمتي، ولكني أتذكر أنني كنت أستمتع بذلك، ولعلي كنت أستمتع بمظاهر الحنان المتمثلة في الضم والتقبيل ونحو ذلك.
ثم بدأت شيئاً فشيئاً أخلاقي تسوء واكتسبت من تلك المرأة المتوحشة وكذلك من البيئة المحيطة بي الأخلاق السيئة والعنف في التعامل مع الآخرين والحقد والغيرة.................الخ فنبذني المجتمع كله، زملائي في المدرسة وجيراني وأهلي وحتى إخوتي، وكنت كثيراً ما أفتعل المشاكل والمشاجرات مع الجميع، واعتزلت الجميع إلا من شجاراتي معهم، وصرت أفضّل البقاء وحيداً لفترات طويلة، ولم يكن لي من أصدقاء إلا قليلاً من رفقاء السوء من أمثالي.
ثم مع مرور السنين وبقاء الحال على ما هو عليه مع عمتي بالإضافة إلى عزلتي وانفرادي لفترات طويلة (كنت غالباً ما أفكر فيها بالجنس والعلاقات الجنسية رغم صغر سني) أو أشاهد فيها التلفاز (الذي ما زلت متعلقاً به حتى الآن) وحبذا لو كان فيلماً دسماً بمشاهد الحب والغرام). أصبحت مشغولاً بالجنس، حوالي 80 % من تفكيري كان في الجنس، فمارسته بشراهة مع الفتيات بل والفتيان أيضاً ممن هم في مثل سني وذلك في خلال الفترة من 6 سنوات إلى 13سنة. ثم من سن13 سنة بدأت حياتي تأخذ منحىً جديداً، فانقطعت كل علاقاتي الجنسية مع الجميع، وبدأت أصلح من أخلاقي ومن نفسي حتى أصبح محبوباً من الناس، فقد سئمت من أن أكون منبوذاً منهم، وأحرزت تقدماً كبيراً في هذا الجانب الاجتماعي، فقد أصبح لدي الكثير من الأحباب والأصدقاء، وصرت لطيفاً في التعامل مع الناس –وأحيانا أكون لطيفاً أكثر من اللازم حتى لا يكرهني أحد-.
وعلي الجانب الآخر بدأت معرفتي بما يسمي بالعادة السرية، والتي أصبحت المنفذ الوحيد لرغبتي الجنسية الجامحة. وما زلت على حالي من الوحدة والصمت لفترات طويلة من يومي -رغم الأصدقاء الكثر-، أكتفي خلالها بمشاهدة التلفاز أو ألعاب الكمبيوتر أو تصفح الإنترنت، بل أنّه تأتي عليّ بعض الأيام قد لا أنزل فيها إلى الشارع مطلقاً إلا للصلاة فقط ثم أعود سريعاً إلى البيت. وأنا الآن أعاني من مشكلات كبيرة في حياتي، ومن المؤكد أن لما حكيته الآن دور كبير في وجود تلك المشكلات في حياتي. وتلك المشكلات هي:
1- أنني الآن أعاني من بعض الوساوس التي تكدّر عليّ حياتي. فأحياناً أتخيل نفسي في وضع جنسي مع أي أحد حتى مع أقرب الناس إليّ، وتلك الوساوس مستمرة معي بشكل يومي منذ حوالي 4 أو 5 سنوات على الأقل وأصبحت لا تطاق.
2- أنني أعاني من أحلام يقظة مستمرة وضعف في التركيز. فكلما ضغطت على نفسي للتركيز في شيء معين أجدني بعد دقائق -وربما أقل- أسرح، ثم أرغم نفسي علي التركيز مرة أخرى، ثم أسرح مرة أخرى. والسرحان يكون أسرع في حالة الاستماع لشيء أو لشخص أكثر من القراءة. مثلاً، وهذا يحدث معي في الصلاة والمذاكرة وفي حياتي اليومية وأصبحت أنسى كثيراً، بل أنني أحياناً أنسى أسماء بعض أصحابي وأقاربي لثواني أو أكثر ثم أتذكرها مرة أخرى.
3- اضطراب في النوم والطعام وكسل وخمول بشكل ملحوظ وكبير.
4- التفكير الزائد عن اللازم في الفتيات وفي الجنس. فمعظم أحلام يقظتي تكون حول هذين المحورين، ورغم ذلك التفكير والميل الشديد لهن إلا أنني أشعر بتوتر كبير لو حاولت الاقتراب من إحداهن فضلاً عن الكلام معها.
5- محاولاتي المستمرة للوصول للكمال والظهور بمظهر الشاب الكامل والتأثر الشديد بأقل كلمة نقد توجه إلّي.
6- رغم تحسن علاقاتي الاجتماعية مع المجتمع الخارجي بشكل كبير إلا أنني ما زلت أعاني من توتر علاقتي مع إخوتي في البيت بشكل مستمر.
تلك هي المشكلات بل المصائب التي حولت حياتي إلى جحيم، وهذه هي قصتي البائسة بين أيديكم، وحياتي الكئيبة أصبحت الآن في انتظار مساعدتكم، فأنتم الأمل بعد الله تعالى. وأتمنى أن أجد عنكم الجواب الكافي والعلاج الشافي لما وصفت لكم، فلا تبخلوا عليّ بالنصيحة والإرشاد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
المعذب ف.م
04/11/2007
رد المستشار
الابن المعذب؛
تحية طيبة وأهلا ومرحبا بك على مجانين، أثارت مشكلتك الكثير من الشجون في نفسي؛ وبالذات استغلال عمتك غريبة الأطوار لك جنسيا وأنت طفل غض لم تتجاوز بعد الخامسة من عمرك، وإن كنت سمعت عن مثل هذا السلوك الشاذ كثيرا ولكن من الخادمات في المنازل بالإضافة إلى الشاذين من الأقارب؛ وعلى الرغم من أن مشكلتك قد قام أخي الفاضل الدكتور محمود الوصيفي بالرد عليها، كما قام الابن العزيز "عمار ياسين" بالمشاركة فيها من قبل: العمة الشرسة واغتيال البراءة
العمة الشرسة واغتيال البراءة- مشاركة
إلا أنني أرجو أن تسمحوا لي بأن أدلوا بدلوي وأشارك برأيي معهما، وخصوصا وأن د. وائل يلح عليَّ في الإجابة على تلك الاستشارة وعلى غيرها من الاستشارات التي تأخرت في الرد عليهم بسبب ظروفي الصحية في الشهرين الماضيين.
بداية أحمد الله تعالى أنك صاحب شخصية قهرية، هذه الشخصية التي تسعى بصاحبها إلى الالتزام وطلب الكمال وإن كان ذلك بصورة مزعجة ومبالغ فيها في أحيان كثيرة؛ فأنت كرهت من نفسك أن تكون شاذا ومنحرفا، وكرهت أيضا أن تكون عنيفا ومتمردا على من حولك، لقد كرهت أن يكرهك الناس وينبذونك من بينهم، وكانت النتيجة أنك نجحت في استقطاب حب الناس لشخصك بعد أن فقدته لفترة، وتغير سلوكك إلى الأفضل، ونبذت ممارسة الفاحشة والشذوذ؛ فأنت صاحب نفس لوامة أوابة إلى الله عز وجل، وهذا فضل كبير من الله عليك، ولكن بقي في نفسك شيء من الإحساس بالإثم والذنب لكل ما قمت به معاصي في الماضي، هذا الشيء الذي ترسب في عقلك ويئن كاهلك من حمله ويحيك في صدرك من حين لآخر هو تلك الوساوس المؤلمة -عن ممارسة الجنس مع بعض من حولك- على الرغم من أنك لم تفعل ذلك؛
تلك الوساوس التي تجعلك غير قادر على التركيز في أمور حياتك الأخرى مثل تحصيل العلم والمذاكرة، مع الإحساس بكثرة النسيان، وفقدان الشهية للطعام والأرق وصعوبات النوم، والخمول المستمر مع الإحساس بالقلق والتوتر، وجسدك في خضم هذه المعمعة له متطلبات جنسية مثل معظم البشر، وهنا يظهر لنا السبب في احتدام الصراع داخل نفسك؛ فأنت تجد صعوبة في تصريف شهوتك الطبيعية –وأنت غير متزوج– وفي نفس الوقت تخاف من نفسك اللوامة في أن تعود إلى ممارسة الفاحشة، وأن تُغضب الله تعالى من تصرفاتك؛ وبالتالي تدخل في دائرة الصراع مع الوساوس مرة أخرى، وهذا يجعلني أقول أن للوسواس القهري فوائد أحيانا، وفي حالتك تعود فائدة الوساوس إلى نهيك عن ممارسة الفواحش، وإلى دفعك دفعا لطلب الكمال الخُلقي والسلوكي أمام الله تعالى ثم أمام الناس.
ابني الطيب؛ أريدك أن تخفف قليلا من غلواء الوساوس لديك، ومن لومك لنفسك وجلدك لذاتك، وقد تحتاج إلى تناول بعض العقاقير المضادة للوسواس القهري والاكتئاب مثل "فافيرين" أو "بروزاك" وبجرعات صغيرة سيحددها لك الطبيب المعالج المختص، واستمر في تحسين علاقاتك مع من حولك وبالذات أفراد أسرتك من إخوة وأخوات، وإن كنت قد تغلبت على الشذوذ والفواحش -بعد معاناة- فلن تعجز بإذن الله عن التغلب على بعض المشاكل مع الإخوة والأخوات،
واقرأ على مجانين:
وسواس قهري: علاجه غير كامل
وساوس كفرية قهرية: اطلب العلاج
الكمالية والإتقان بين السواء والمرض
هو اضطراب الوسواس القهري بكل وضوح
علاج الوسواس بالعقار فقط لا يكفي
في الحقيقة أنا سعيد بتغلبك على كثير من عيوب نفسك، وسعيك الحثيث في طلب الكمال الخلقي والسلوكي، وأدعو الله من سويداء قلبي أن يعافيك من الوساوس والتوتر والقلق، وأن يُغنيك بحلاله عن حرامه، وأن يلهمك رشدك دائما، وتابعنا بأخبارك.