السلام عليكم ورحمة الله
نشكركم على الموقع المتميز الذي أفادني كثيراً جداً، وسامحوني لو نظرتم إلى مشكلتي على أنها مستفزة، فالله العظيم لا أعرف لماذا فعلت ذلك وعندي حزن شديد على ما حصل في حياتي في الشهور الماضية، ولا أطيل عليكم.
أمي وأبي منفصلان بسبب شك أبي في سلوك أمي، مع أنه لا يوجد دليل واضح على سلوكها، وهذا لكثرة سفر أمي وعملها خارج مصر. اعتدت على أن أكون وحيدة بالمنزل لشهور طويلة، وكنت في مرحلة المراهقة ولم أصادق أو أصاحب أي ولد، وكنت أكتب لنفسي ورقاً وخطابات واحكي حكايات وهمية عن علاقاتي التي لا وجود لها! واستمريت هكذا حتى تزوجت وأنا في سن صغيرة وسافرت مع زوجي للعمل بالخارج، والتزمت دينياً ولبست النقاب وحفظت القرآن وأديت مناسك الحج والعمرة أكثر من مرة، حتى أني كنت بعيدة كل البعد عن الرجال لأني أخافهم.
كانت حياتي هادئة جداً حتى نزلت فجأة وحدي -لم يكن معي زوجي- إلى القاهرة، وفي هذه الأثناء بعدت عن القرآن وكنت أكتفي بالصلاة فقط، ووجدت كمّاً هائلاً من المشكلات العائلية مع أهل زوجي وأهلي ومشاكل أمي وأبي، فكنت أرتاح بوجودي وحدي بالمنزل. كان الوقت يخنقني بشدة، ومن النظر في ساعات الليل وحيدة، حتى جرّبت الدردشة على الانترنت ووجدت شاباً يصغرني بعشر سنوات، كانت علاقتي به مجرد كلام فقط لفترة طويلة، وكان الوحيد الذي أرتاح إليه، وللصدفة وجدته يسكن في جواري بمسافة صغيرة، فعلمت عنه كل الأشياء واطمأننت لأدبه وسلوكه. تطورت العلاقة حتى صار بيننا مقابلات وخلوة دون الوقوع في الكبيرة، وكنت لا أنام يوم المقابلة من وجع الضمير، وكذلك هو، حتى قرر الابتعاد عني لأنه لا يتحمل تأنيب الضمير وارتحت كثيراً بالبعد عنه، ولا أريد الرجوع إليه، لكن عندي إحساس كبير بالموت وأني أريد أن أنهي حياتي، ولا أستطيع النظر في وجه زوجي، وقد انهي زوجي عمله بالخارج لظروف المعيشة هناك، ولا أعرف ماذا أفعل؟.
هدمت كل علاقتي بربي التي بنيتها كل هذه السنين، هل يقبل ربي توبتي مرة أخرى؟ مع أني من قبل كنت أشعر بوجود ربي بجانبي في كل أحوالي، الآن لا أحس به، وأشعر أنه لن يقبلني مرة أخرى.
أرجوكم أريحوني من عذابي،
وشكراً لسعة صدركم.
05/07/2009
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
عزيزتي،
إن من زيّن لك الغواية من البداية هو من يصدك عن التوبة، ولن أقول أنه الشيطان كي لا أتهم بالدروشة ولكن أقول أنه هوى النفس، وكما تعلمين فقد أقر سيدنا يوسف في القرآن الكريم "...... إنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ"(يوسف:53) صدق الله العظيم، فلا تفكري في إمكانية القبول أو عدمه بل سارعي بالتنفيذ، وجميعنا يعمل ولا نعلم بثبات ما يُقبل منا وبم سننجو يوم القيامة، فلا توقفي السعي ونفذي أمر الله "..... إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ" (هود : 114 ).
سعيك للتوبة الجزء الأهم بالنسبة لي ليس لتديني ولكن لأنها السياج الذي سيحفظك من الانزلاق وراء النزوات التي سنتحدث عنها الآن، والتي وإن بدت لك كانعطاف حاد مفاجئ في طريقك غير أن لا بد لها جذوراً قديمة في حياتك السابقة، وهو ما لم تذكري عنه الكثير، لماذا لم توضحي طبيعة علاقتك بزوجك؟ ولماذا اخترت أن تحديثنا عن شك والدك بوالدتك؟ هل تعتقدين أن سلوكك كان تعبيراً عن غضب مكبوت من شك والدك غير المبرر فانتقمت منه في نفسك فأصبحت ضحية شكه مرتين؟ هل سلوكك كان تمرداً على زوجك؟ يبقى الاحتمال الأضعف أنه مجرد عبث، وفي مرحلتك العمرية يتوقف معظم الناس عنه ولا يبدؤونه!.
مع النضج تكتسب المبادئ قيماً منفصلة عمن يلقنها لنا ومن ينتظرها كذلك؛ فأنت حين تحافظين على نفسك تفعلين لأنك مقتنعة بقيمتك وقدراتك الشخصية. مع النضج تقل حاجتنا للضبط الخارجي؛ فلا حاجة لوجود زوج أو والد ليراقب سلوكنا لأننا ملتزمون تجاه ذواتنا بعيداً عنهم. سلوكك كان خيانة لنفسك أكثر منها لزوجك، فهل ترين أنك غير جديرة بالاهتمام والرعاية؟ هل ترين أنك ضعيفة غير قادرة على الالتزام إلا من خلال سلطة أب أو زوج؟.
أحزن عندما أرى النساء قد قبلن بأنهن مجرد ردة فعل وأنهن بحاجة مستمرة لعين رقيبة، لأنهن لا ينضجن أبداً ويبقين أبداً أسيرات الرغبة بالرعاية والاهتمام، رغم تقليد الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف لهن وسام المسؤولية، فقال عنها أنها: "... راعية ومسؤولة عن رعيتها" وكيف ستفعل إن فشلت في رعاية نفسها. إن أردت أن تخجلي فاخجلي من نفسك أمام نفسك قبل زوجك، واخجلي ممن حملك الأمانة ومتعك بالقدرة على الاختيار رغم قدرته على حرمانك منها، فاستشعري حب الله لك وحرصه عليك والزمي طريقه، فها أنت قد رأيت أن الزلل احتمال وارد رغم حفظ القرآن إن غيّبنا العقول واستسلمنا للأهواء.
أقدر أن تكون لك رغبات غير مشبعة في حياتك مع زوجك ومع أهلك ولكن أذكرك بأن سنوات عمرنا جميعها امتحان يجب أن نجتهد لاجتيازه، ولن نفعل إن لم نحب أنفسنا ونحرص عليها بعيداً عن رأي الآخرين فينا وفي جدارتنا.
أذكرك أن الله جعل باب التوبة مفتوحاً لعلمه بأننا سنكبو ونضعف، فلا تضييقي على نفسك وتعيني الشيطان عليها بل سارعي بالتمسك بحبل الله وحبه، وإن وجدت أنك غير قادرة على هذا بعد المحاولة الجادة أنصحك بطلب مساعدة متخصصة كي ننفي احتمالية معاناتك من نوبة اكتئابية كانت بدايتها عدم قدرتك على الالتزام بنشاطك المعتاد -بوردك اليومي من القرآن- وعدم تحملك الاختلافات والشجارات الأسرية ونتيجتها تخبطك ضد قيمك.
كان الله في عونك وتابعينا بأخبارك.
ويتبع>>>>>>> : إن ربي غفورٌ رحيم م