نسمع تلك الجملة كثيراً، الحشيش ليس إدمان، لكن هل هذا الكلام حقيقي؟
العلم يخبرنا بما يلي: ٥٪ من متعاطي الحشيش يدمنون عليه، بمعنى أنهم يستهلكونه بشكل متصاعد، وتحدث لهم أعراض انسحابية حال غيابه، ويشتهونه. وهذه ليست نسبة قليلة، خاصة إذا عرفنا الأعداد التي تتعاطى الحشيش، لكن ماذا يحل باله : ٩٥٪ من الذين يتعاطون الحشيش؟
٥٪ منهم يهلسون، أي يسمعوا أصوات ويرون خيالات غير موجودة، بسبب تعاطي الحشيش، وهذا خطر كذلك.
في النهاية، ٩٠٪ من أولئك الذين يتعاطون الحشيش لفترات طويلة، تقدر بسبع سنوات مثلاً، وبكميات كبيرة، أي أكثر من ٧ سجائر حشيش يومياً، فإن أمثال هؤلاء، تصبح لديهم مشاكل كبيرة مستدامة في الذاكرة والتركيز ولا يعودون بكامل الفهم الذهني والفكري لسنوات طويلة حتى بعد انتهائهم من التعاطي.
كذلك، لا يخفى على أحد أنه في بلادنا الحشيش هو مقدمة تعاطي باقي المخدرات، فهو باب الهروين، الكوكايين وغير ذلك، إذ يصعب علينا كأطباء نفسانيين تخيل مدخن هيروين مثلا لم يدخل في مرحلة الحشيش بداية.. والحشيش مرتبط بالهيروين بشكل كبير، فالكثيرون كانوا يميلون للتحشيش للدخول في النوم بسهولة، لكن ما يحدث كان لبعضهم في الحقيقة، أنهم بعد الإدمان على الحشيش وتدخينهم لسبعة وعشرة وخمسة عشر سيجارة حشيش، ليدخلوا في النوم، ففي الكثير من الأحيان يبدؤون في التفكير باستخدام مخدرات أقوى مثل الهيروين والمهدئات وغير ذلك.
كذلك المروجون الذين يروجون الحشيش، شريحة ليست صغيرة، منهم تروج مخدرات أخرى غير الحشيش.. في النهاية، إن كان الحشيش مضراً لهذا الحد، فلماذا يُسمح به في ولايات معينة في الولايات المتحدة الأمريكية؟ القصة في أمريكا كما يلي:
أولاً : جمهور المهاجرين البروستاتن الذين أنشؤوا الولايات المتحدة الأمريكية، كانوا حسب وثائق أرمشيق المتجرة يستخدمون الحشيش والقضب من عام ١٦٣٨، وربما قبل ذلك لكن أقدم أرشيف محفوظ حتى الآن للمهاجرين الذين قدموا للولايات المتحدة في تلك الفترة يعود تقريباً لتلك الفترة.. على أي حال، استخدم المهاجرين للولايات المتحدة الحشيش ظل على الأقل من ١٦٣٨م واستمر بكثافة حتى العام ١٩٠٠م ، حينما تم إيقاف استخدامه ومنعه بالكامل.
تم منع الحشيش في العام ١٩٠٠، بسبب ظهور العديد من الأبحاث فيما بين العامين ١٨٩٠حتى عام ١٩٠٠ أشارت إلى خطورة المادة، فبناء على تلك الأبحاث تم منع الحشيش كلياً، لكن ماذا جرى بعد ذلك؟
الذي حدث هو أنه في العام ١٩٠٠ وحتى العام ١٩٧٩ ظل الحشيش ممنوعاً تماماً، وفي العام ١٩٧٩ ظهرت الخارطة القانونية التي يتموضع داخلها الحشيش تشريعياً في الولايات المتحدة الأمريكية وهذه الخارطة تضم المفاهيم التالية:
• Total Allowance of Hash: أي السماح بشكل كامل للحشيش، وهذا في ولايات محددة.
• Decriminalization of Hash: أي إزالة الجرمية عن الحشيش، بحيث أن تعاطي الحشيش في بعض الولايات أصبح مخالفة وليس جريمة.
• Medical Marijuana: الحشيش الطبي، أي الحشيش الذي يعطى لبعض حالات فرط الحركة ونقص التركيز وبعض حالات السرطان.
المنع الكامل للحشيش.
يا ترى؟ إن كان الحشيش مضراً لذلك الحد، فلم تم السماح به؟؟ لسببين:
أولا: لأن المافيات قوية جد إيه بعض الولايات الأمريكية، فصار المشرع الأمريكي يفكر في السماح بالحشيش بشكل قانوني لتوفيره للناس بدلاً من استهلاك الناس لحشيش مصدره المافيات التي قد تخلط بالهروين، فلتحاشي هذه القصة تم السماح بالحشيش.
ثانياً: لوحظ أن بيع الحشيش مصدر من مصادر الدخل المهولة للمافيات، فتجريد المافيات من حصرية بيع الحشيش، يحرم المافيات من مصدر دخل كبير، ويوفر دخل إضافة للدولة، فهنا تستفيد الدولة مالياً ويلحق الضرر بالمافيات، لكن طبعاً الدولة تدفع الكثير من الأموال لعلاج الناس من مشاكل الحشيش في النهاية.
ثالثاً: اكتشفت بعض الفوائد الطبيعية للحشيش مما اضطر المشرع الأمريكي لأخذ هذا بعين الاعتبار.
إذن تم السماح بالحشيش في أمريكا، وليس لسبب طبي (إذا أن الحشيش مادة إجمالاً مضرة للإنسان العادي)، وإنما تم السماح به في بعض الولايات استجابة لواقع أفي تزدهر فيه قوة المافيات وتضعف فيه قوة الدولة في بعض المناطق
عودة إذن لما هو الحشيش الطبي...
اكتشفت بعض الفوائد الطبيعية لمواد موجودة داخل سيجارة الحشيش (وبالمناسبة سيجارة الحشيش فيها ٦٠ مدة مختلفة)، وهذه الفوائد تتمثل بما يلي:
لمرض السرطان، لتسكين آلامهم، من الممكن السماح باستهلاك بعض سجائر الحشيش، خاصة فيما لو تم إعطائهم مسكنات أخرى لكن دون تحقق الفائدة الوجودة.
كذلك بعض مرض فرط الحركة ونقص التركيز إن تم علاجهم بالأدوية الصحيحة، ثم لم تكن تلك الأدوية كافية، فأحياناً يسمح الطبيب لمرض فرط الحركة ونقص التركيز باستهلاك كميات معينة من الماريغوانا الطبية في الولايات المتحدة الأمريكية.
هذا الموضوع يفتح آفاقا أكبر لأسئلة مثل: كيف تكون هناك مستقبلات في دماغ الإنسان للحشيش مع أن الجسم لا ينتج الحشيش؟
وما هو الحشيش المصنع (الجوك)؟
هذان سؤالان سنتطرق لهما إن شاء الله في مقابلات قادمة
واقرأ أيضا:
بر الوالدين العصري / دماغنا وكيف نعتني به