آدم وما أنجبه مع حواء كما ترسخ في الوعي الجمعي، مخلوقات كغيرها مجبولة من ماء وتراب، ولا فرق في جوهر سلوكها، لأنه مرهون بالنفس المشبعة بطبائع التراب، والمهيمنة على استجاباته كأي حيوان آخر مهما صغر أو كبر، فالمخلوقات ذات جهاز حيوي متشابه ويتباين في درجات تعقيده وتأثيره.
لكل مخلوق لغته وأبجدياته الصوتية والحركية، وكذلك البشر تفوق على غيره من المخلوقات بأبجديات الكلام، وحرية اليدين وتفاعلهما مع دماغ فيه مهارات التعبير العقلي، واستحضار الأفكار المحلقة في فضاءات وجوده.
والإنسان صفة لا تنطبق على كل البشر، ومن الصعب أن يبلغها ويتمثلها ويعيش فيها، لأنها تعني الانتصار على النفس الأمارة بالسوء، وهذه مكابدة قاسية ومجالدة لا يطيقها إلا ذوي العزم العنيد.
فالإنسان كائن عاقل من نوع البشر، متميز بالقدرة على الكلام والتفكير والإبداع، واجتماعي الطباع، يعيش في مجتمعات يحقق فيها الطمأنينة والأمان، والرحمة واحترام حقوق الغير من المخلوقات من أبناء نوعه والأنواع الأخرى، فلكل مخلوق حق الحياة.
الرسالات بأنواعها جاهدت لنقل البشر إلى مرتبة الإنسان، وباءت بفشلها الواضح، فتأسد البشر وأطلق ما فيه من شرور، فاستعرت الحروب وعم الفقر والإملاق، وسوء الحال والمصير، فسفك الدماء إدمان البشر المنفلت الرغبات والنزعات والمكبل بالعدوانية والبغضاء، والتصارع مع غيره المعبأ بالوجيع والساعي للانتقام والوعيد.
فالأرض يسعى فوقها بشرٌ مثل باقي المخلوقات المتصارعة بلا هوادة، وتتحكم به النفس الأمارة بالسوء، وتغتال إنسانيته، وتحولها إلى عنوان للضعف والهوان، ولا يمكن لقوة سواء كانت أخلاقية، قانونية، عسكرية أن تردعها أو تهذيها، لأنها ذات طاقات مدوية.
إن الجهاد الأعظم يتلخص في القدرة على الإنتقال من قيعان البشرية إلى فضاءات الإنسانية، التي هي غاية وجودنا، وعلى كاهلها رسالات الأديان والدنيا.
فالمسافة بين البشرية والإنسانية شاسعة، والتفاعلات السائدة بشرية صرفة، والقليل فيه شيء من نفحات الإنسانية، وإن الأرض مسرح بشري ربما يرفع بعض ممثليه رايات الإنسانية للخداع والتضليل.
فهل أنضجت الأديان إنسانيتنا، أم تحولت إلى مطية لبشريتنا؟!!
بشرٌ فيها تلاحى وافترى
وبنفسٍ استقادت انبرى
كل إنسانٍ طريدٍ خائبٍ
هكذا الدنيا عليها ما جرى
أين إنسان مسارٍ واضحٍ
ورغوبٍ في دجاها لا يرى
واقرأ أيضا:
عِلمٌ يُعانِقُ عِلماً!! / تسليح وتلويح!!