إغلاق
 

Bookmark and Share

تعتعة: تحديث أرجوزة: عن المفاوضات وخطة الطريق ::

الكاتب: أ.د يحيى الرخاوي
نشرت على الموقع بتاريخ: 05/07/2009


لظروف خاصة، وصعوبات تكنولوجية، اضطررت أن أؤجل تعتعة اليوم عن الخنازير البشرية، وفيروسات القتل الإعلامي مع سبق الإرعاب والإلهاء، هذا الإرعاب المنظم الذي يجعلنا –عبر العالم- نرتد إلى الخوف على سلامة أجسادنا (قال يعني هي سليمة أصلاً!)، حرصاً على صحتنا التي لا نعرف ماذا نفعل بها لنا، مع أن الاهتمام بصحة أجسادنا هذه لا تعنيهم إلا بقدر ما يستعملوننا لتنمية ثرواتهم على حساب كل ما هو إنساني كريم.

فهمت أكثر فأكثر من هيجة الخنازير الأخيرة، بعد لعبة الطيور والانفلونزا، كيف أن شركات الدواء هي اللوبي السياسي الثاني في أمريكا (وربما العالم) بعد شركات السلاح، كما تصورت أنني أدركت أوضح علاقاتهم ببعضهم بعضاً.

أجلّت الكتابة عن كل ذلك لحساب تحديث هذه الأرجوزة القديمة التي وجدتها بين أوراقي، فهي تكاد تصف الجاري حولنا حرفياً، الجاري من مؤتمرات ولقاءات واتفاقات وتصريحات وتهدئات.
سمعت هذه الأرجوزة القديمة القديمة، وحفظتها طفلاً، وحين حضرتني هذه الأيام، وجدتها تنطبق تماماً على كلِّ من حوار الصم، وتصريحات العُمْي، التي تصلنا يومياً من كل ما نتابعه من مؤتمرات قمة، ولقاءات رؤساء، واتفاقات تعاون... وخطة طريق، إلخ؟!.

شرح تمهيدي
لأن الأرجوزة قديمة (منذ أن كانت العملة تلاتة فضة– نصف قرش تعريفة) ولأنها مهجورة وشفاهيّة، لا بد من تقدمة شارحة:
الأرجوزة تحكي عن ثلاثة من الحِبـشْ (أحباش، رمزٌ شائع) يقفون على تل لِـبْشْ (اللبش: ربما إشارة إلى لبش القصب) وأن بكل واحد منهم إعاقة أو عجز ما، وفي نفس الوقت هم يبدون وكأنهم يجتهدون ليتعاونوا على الوصول إلى اتفاق يصلح لحراسة قيراط أرض (الوطن)، وكل منهم يحاول أن يساهم بما لا يملك.

كلام الأرجوزة ينبغي أن يـُـقرأ ببطء حتى ندرك كيف أن اختلاف الوصف، لم يكن إلا في الألفاظ، وأن الجميع في النهاية، مثل الجميع، يدورون في حلقة مفرغة، وهم يتصورون أنهم يسعون جاهدين لتحقيق اللاشيء.
تحذر الأرجوزة في نهايتها أن يكون حراس الأرض (الوطن) هم عجزة، يدعي كل منهم ما لا يستطيع:

نص الأرجوزة القديمة:
كانْ فيهْ تلاتـَـهْ حِـبْـشْ
واقفين على تــلّ لِــبْشْ
اتْـنِينْ عُمْـي، وِوَاحِدْ ما بـيْشُوفشْ
إللي ما بيشٌوفشِ لَــقَى تلاتهْ فضّــةْ
اتنــين ماسحـِيــنْ، وِوَاحِدْ ما بِيْروحشْ
إللي ما بِيْروحشْ اشتروا بيه تلاتْ قراريط،
اتنين باروا، وِوَاحِدْ ما طلعشْ
إللي ماطلعش وقّـفوا عليه أربعْ حـُـرّاس
أطرشْ، وأعمى، ومكسَّح، وعِـريان.
الأطرش قال: "حسّ خيلٍ دبَى"
الأعمى قال: "بايِنّـهُـم سبعة ثمانية"
المكسح قال: ياللا بْنَا نجري
العريان قال: وكل إللي تجيبوه هاتوه في حجري

نـلاحظ في نهاية الأرجوزة أن الأطرش هو الذي سمع دبيب وقع أقدام خيل العدو، وأن الأعمى هو الذي رآهم حتى عدّهم عدّا، وأن الكسيح هو الذي أشار عليهم بالعدو هرباً، أما العريان فهو يدعوهم أن يضعوا مكاسبهم في حجره!! هل رأيت أبلغ من ذلك سخرية من العجز مع الادعاء؟ أليس هذا هو ما يجري هذه الأيام طبق الأصل؟؟.
قمت بتحديث نفس الأرجوزة وأنا أتابع مؤتمرات ومفاوضات تحصيل الحاصل، كما يلي:
كان فيه ثلاثةْ هِـبْل، ماشيين عالْحبْل
اتنين خابُوا، وِوَاحِدْ مانفعشْ.
إللي مانفعش زرع تلات خُطَبْ
اتنين زعيق، وواحدة ما تقالتش.
إللي ما ما اتقالتشى سجّلوها على تلات شرايط:
اتنين اتمسحوا وواحد ما دارْشْ.
اللي ما دارشي أعلـن تلات قرارات:
اتنين اتأجّلوا، وِوَاحِدْ ما اتنفذشْ.

ثم إني رحت أحدثها من جديد، وأنا أتابع ألاعيب مندوبي الولايات المتحدة، وممثلي الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي في نفس الشأن كالتالي:
كان فيه تلاته لـَبَـطْ، سايقين الـعـبـَطْ.
اتنين قتّالين قٌـتَـلَة، وواحد ما تابشْ
اللي ما تابش قدِّم تلاتْ اقتراحات:
اتنين باظوا، وواحد ما نـْفِعـْشْ
إللي ما نفعشِى شكِّلْ تلات لجان:
اتنين اتلـغُـوا، وواحدةْ ما اجتَـمَعِـتشْ.
إللي ما اجتمعتش وافقت على تحرير تلات مناطقْ:
اتنين زي ما همّه، وواحدة ما اتحررتشْ.
إللي ما اتحررتشِ قرروا إن قدامها تلات مراحلْ:
اتنين مالهومشى آخرْ، وواحدة ما بدأتشْ.

وبعد،
أرجو أن نحترم الخنازير أكثر ونحن ندعو لها بالسلامة، ففي الطالب هي ستتجاوز محنة الانفلونزا –إن وجدت أصلاً- قبل أن نفهم نحن مغزى الأرجوزة.

اقرأ أيضا:
تعتعة سياسية: حاول ألا تفهم...!
 / تعتعة سياسية تجاوز للعلم..ووشم للمرضى! / تعتعة نفسية هل توجد عواطف سلبية؟ / تعتعة نفسية: عندك فصام يعني إيه(2) / تعتعة نفسية عندك فصام يعني إيه؟ / تعتعة نفسية: أنا عندي إيه يا دكتور؟ / تعتعة نفسية العلاج بوصفة الأعراض(3) / تعتعة نفسية العلاج بوصفة الأعراض(2) / تعتعة نفسية العلاج بوصفة الأعراض(1) / تعتعة سياسية: الشعب المصري ملطشة / تعتعة: التغابي حيث لا داعي للتحايل! / تعتعة سياسية حتى لو أجهضوها ألف عام! / قبلات وأحضان، وحوار الأديان / صيد الأحاسيس، وذباب الكلمات في معرض الكتاب / خليَط من الرأي والشعر: قوة النظام في ضعفه / الشعور بالذنب في السياسة والحرب / سياسة دي يا يحيى؟!؟! / تخثُّر الوعي الوطني (والثقافة) / من كلِّ صوبٍ وحدبْ، من كل دينٍ ودربْ / السياسة واللغة الشبابية والتراث الشعبي/ السياسة ولغة الشارع: .. فى الهرْْدَبِيزْ (3 من 3) / السياسة ولغة الشارع: .. فى الهرْْدَبِيزْ (3 من 3) / برغم كل الجاري، مازال فينا: ".. شيءٌ مـَا" / لكنّ سيّد قومه المتغابي..!! / أين الأزمة؟ صعوبة الأسئلة؟ أم نفاق الجميع؟ / تسويق "الإيمان" في "سوبر ماركت" العولمة!!! / تعتعة سياسية: قصيدة اسمها: عبد الوهاب المسيري / بين دموع الشعب ونفاق الحكومة / تعتعة سياسية: تألّم: الصورة تطلع / العودة من المنفى: درويش، ذلك الشعر الآخر / تعتعة نفسية: الطبيب النفسي والفتوى الإعلامية / تعتعة نفسية: لا شكر على "تسويق" دواء جديد!! / تعتعة نفسية: المجنون لا يفعل مثل هذا!!! / تعتعة نفسية: كيف تعمل العقاقير النفسية (2) / الحق في الفرحة وسط المصائب، والأحزان!! / الزمن والتاريخ، ومعنى ما هو: أوباما / غزة، والبشرُ خلايا المخ العالمي الجديد!! / دعوة إلى: الوعي بما تملك (2/أ) / الحذاء الطائر، والبصقة العالمية، ومسؤولية الفرحة / نجيب محفوظ: بداية بلا نهاية / متواطئــون!!! / قبلات وأحضان، وسط الدماء والأحزان  / أتعلم من بني كيف أنهزم بشرف وشجاعة؟ / "دورية" محفوظ بين ملحمة الحرافيش، وملحمة غزةلكنّ دَسَّ السم في نبض الكلامْ: قتلٌ جبانْ  / تعتعة سياسية: هل أنت مثقف؟ / النظام العالَمي القَـبَـلي الجديدْ: آلهةٌ وأنعام!! / الوصايا العشر، لحكّام العصر، في بر مصر / تعتعة... الآخرون / تعتعة: لؤلؤة غامضة وسط كومة قش مشبوهة!! / تعتعة: معنى آخر لـ: "حسن نصر الله"!! / تعتعة: الوطن: وعيٌّ يتشكل!! إياكم أن يتخثَّرَ

نشرت في الدستور بتاريخ 13-5-2009



الكاتب: أ.د يحيى الرخاوي
نشرت على الموقع بتاريخ: 05/07/2009