صراع نفسي... أتحدث مع شاب بمثابة أخي لكن هل هذا حرام
السلام عليكم عمري 16 سنة أتحدث مع شاب عبر الماسنجر هو يقوم بتحفيز ومساعدة الناس. كنت في حالة صراع نفسي وبدأت بالدخول في دوامة الاكتئاب رغم عمري هذا من هنا بدأت القصة تحدثت إليه لمساعدتي وبالطبع ساعدني والآن الحمد لله لم أعد أشتكي من ذاك الصراع النفسي بل وأصبحت أكثر اطمئنانا المشكلة أن علاقتي به أصبحت وطيدة نوعا ما....
أمي على دراية بحديثي له وموافقة أيضا عن لا أتحدث معه في مواضيع الحب وغيرها والآن بات صديقا لي أقرب إلي من إخوتي لا أعلم إن كان هذا حرام. حديثي معه الآن على الأغلب في مواضيع الدراسة وكذلك عن قصة حياة كلينا للاستفادة لكن بدأت أحس بتعلقي به الشديد والرغبة في الحديث إليه باستمرار ربما لأنه يفهم كل ما أريد وكله آذان صاغية لمشاكلي. كل ما يشغلني الآن هو أن أنهي علاقتي به لأنني لا أريد أن أعصي الخالق إن تطورت محادثتنا وخصوصا أحس بارتباطي به. في كل سجدة أطلب الله أن يزيله من قلبي ويبعد تفكيري به وفي نفس الوقت لا أريد خسرانه لأنه سندي وبالطبع فكرة الارتباط مستحيلة لأن لدي طموحات أعلى من هذا.
أريد نصيحتكم هل أنهي علاقتي به أم أستمر لأن محادثتنا خالية تماما من عبارات الحب والغرام وأن يتوجب علي إنهاء العلاقة كيف يمكنني ذلك دون أن أؤذي مشاعره لطالما اعتبرني أخته الصغيرة التي لا يملك والله في كل حين أطلب من الله عز وجل أن يعينني على فعل الخير ويصرف عني كل ما لا يرضيه أحاول الالتزام بالدعاء والصلاة أتمنى مساعدتي وجزاكم الله ألف خير
1/7/2018
رد المستشار
السلام عليكم أختي "آمي"، وأهلا بك على موقع مجانين.
إنّ ما تُخبرين عنه من صراع بين قناعاتك وبين شعورك يوضّح حيرتك، وتطلّعك لإنهاء العلاقة معه في أقرب وقت لأن ذلك يزعجك شيء جيّد. إلا أني لاحظتُ وقوعك في فخّ "الأسماء" وغفلتِ عن "المسميّات"، أو لنَقُل وقعتِ في فخّ الشكليات ولم تنتبهي لحقيقة الوضع،
فأنت تقولين أن كلمات الحب والغرام غائبة من حديثكما، وهذا عندك دليل واضح على عدم التجاوز، لكنّ حالك معه وتعلّقك الشديد به وحب الحديث المستمرّ معه دليل أوضح من الأوّل، وما غياب تلك الكلمات والمواضيع إلا شيء من التأدب والتحفّظ في المشاعر بينكما أو من جهة أحدكما على الأقل. بمعنى ليس من طبعك أن تقولي مثل تلك العبارات لأحد لكنّ قلبك يقول أكثر من ذلك! أفهم هذه الطريقة في تقييم الأمور والانتباه للشكليات وغياب جوهر الأشياء، لكنّها خادعة وتزيد من الحيرة وغموض حالتنا إزاء المواقف والأشخاص.
فسبب الحيرة وعذابك أولا هو ازدواجية مشاعرك وعدم فهمك لنفسك وتعلّقك ذاك، لماذا تعلّقت به بهذا الشكل وبأي جانب أتعلق، وإلى أيّ حد أنا متعلّقة وكيف ستكون حياتي دونه؟ هذه كلها أسئلة ستجول في خاطرك، والحقيقة أنّ تعلق فتاة مراهقة بشخص لعب دورا مهما في حياتها وقام بعلاجها بشكل أو آخر من اكتئابها يبدو طبيعيا، فضلا على أنه معروف في علم النفس الإكلينيكي،
فعندما تصل رحلة العلاج لآخر مطافها تتكون رابطة قوية مع المعالج (خصوصا بين الجنسين) وقد ينتقل ذلك إلى التعلق الجنسي، وإن لم يحسِم المعالَج في هذه القضية وساعده المعالِج في ذلك، سيتّخذ المرض ونداء النجدة وجها آخر سيُصارع المريض من أجل إبقائه حيّا تحت مسميّات أخرى، ليكون إدمانا يهدّئ من الحالة والاضطراب وقد يختل التوازن إن أبعده المعالِج ورفضه.
قد يكون تعلقك به نوعا من الأمان تجدينه فيه، وقد يكون أكثر من ذلك. وحدثّتني عن الأخت التي لم تكن عنده، ولم تحدثينا عن الأخ أو الأب الغائب عندك سواء بشكل فعليّ أو رمزيّ ؟! إنّ صعوبة فراقك يدلّ على أنّك لم تستبدلي آلياتك النفسية إلا بشخص آخر، في حين أن المطلوب بناء آليات نفسية مستقلة وناضجة وإلا وجدنا هذا النوع من الإدمان على الأشخاص. أو أنّك تحاولين دون شعور منك استبدال أحد أفراد أسرتك به هو، والواقع أنّه ليس من أفراد أسرتك وحتى إن كان حليما ذو نفس طويل فسينشغل بأسرته وحياته وله الحق في ذلك. فما أنت فاعلة؟
اعلمي أن دعاءك وصلاتك لكي يُبعده الله عنك سيذهبان هباء ما دُمتِ لم تحسمي مع نفسك، فالدعاء لا يخلق المعجزات كما علّمونا ! فلو سرت في طريق تغذين فيها مكامن ضعفك وتعلقك ولا تتخذين فيها قرارات مؤلمة ومصيرية، فهما دعوت لن تجدي إلا نتائج ما قدّمت من خطوات.
اسألي نفسك جيدا هل تخافين من خسرانه خليلا أو خسرانه "ناصحا" ؟ لو كنت تخافين خسرانه ناصحا، لحسمت في قرارك منذ زمن، لأنك تعلمين أنه سيجيبك متى استنصحته. أما لو خفت خسارتَه خليلا، يُسامرك ويُنصت لكل صغيرة وكبيرة ويشاطرك همومك وأفراحك فأنت تخافين من إيذاء مشاعرك أنت لا هو، ولا تعلمين كيف ستكون ردّة فعلك إن هجرتِه ! والمشكلة ستزيد تعقيدا إن كان هو نفسه متعلّقا بك ويرفض هجرك له، فعلا ستكون مشكلة كبيرة لأنه لن يزيدك إلا ارتباكا في قرارك هذا.
لكن يمكنك أن تقللي من الحديث معه تدريجيا ولا تشاطريها كل شيء عن حياتك وإن لاحظ ذلك اشرحي له موقفك وأنك ممتنة له لكن الأمور تتغيّر ويجب أن تتغير حتى تأخذ حياتك مجراها. لأن ما يحصل في هذا التعلق حتى إن خلا من تلك الشكليات التي ترينها محرمة، هو تعلق غير صحي البتّة، وكلّما طال بتبريرات شتى تخفي وراءها ما تُخفي دون وعيك بها، ستُشكل هذه العلاقة عائقا نفسيا كبيرا لك أو له أو لكليكما.
فهمُك جيدا ما تنتظرينه منه، والدور الذي يلعب في حياتك، وفي أي رف وفراغ تضعينه ليملأه، سيجعلك أقوى وأكثر استبصارا لاتخاذ القرار المناسب الذي قد يكون مؤلما، وهو إنهاء العلاقة معه على الأقل في شكلها الحالي، وأتساءل هل يمكنك أن تغيري علاقة خلّة وتعلّق إلى علاقة "زمالة" جافة ! لأن أغلب الناس يفشلون، وهنا تظهر نجاعة الحلول الجذريّة.
أرى في النهاية أن الأمر له علاقة بك أكثر مما هو متعلق به، وقرارك هذا فيه من الأشجان لك أكثر مما له هو. فكنُي صادقة مع نفسك ونقّبي في نفسك وزواياها المظلمة على ما يمنعك حقا من الانفصال عنه أو قلب الدردشة ومشاطرة الحياة إلى مجرّد تحية وسؤال رسميين.
وتابعينا بأخبارك.