الغُثاث من الغَثِيثَة، وهي الفساد في العقل. الغثيث: لا خير فيه. أُمَّتُنا غنية بتراثها، وربما من أغنى الأمم، ولا يزال تُرَاثُها مَحجُوبًا عن قصد أو غيره، وتَحفِلُ مخازن متاحف الدنيا بآلاف المَخطُوطات العربية الممنوعة من رؤية النور. وأبناء الأُمَّة الأَجْهَل بتراثها وما سَطَّرَهُ أَفْذَاذُها من إِبداعٍ أَثِيل. وبسبب الجهل الفاعل في العقول والنفوس تَوَّهَمت الأجيال المُعاصِرَة بأنَّها تأتي بجديد، وهناك الأفضل منه والمُتَقَدِّم عليه في تُراثِها المَطْمُور. والسبب الأساسي في حَجْبِ تراث الأمة عن أجيالها هو تَرسِيخ مناهج التَّبَعِيَّة اقرأ المزيد
المجتمعات البشرِيَّة المُعاصِرَة تُفكِّر بأجيالها القادمة، وتَحسِبُ ألف حسابٍ لكل خطوة تُقدِمُ عليها لأنَّها تُريد أن تُؤمِّن حياةً أفضل لهم، وتُوفِّر الفرص بأنواعها لاستثمار طاقاتهم لِمَا يُحَقِّق تَطَلُّعات تُواكِب الأجيال المُتَوَافِدَة. وفي مجتمعاتنا تَنتَفِي ثقافة تَراصُف الأجيال والاهتمام بمستقبلهم، ويتسَيّد التَّصارُع والأنانية والانتقام والتَّنافُس ما بين الأجيال، ويا لَيْتَهُ تنافُسًا إيجابيًّا، لكنه عُدواني أليم أثيم. فالأجيال السابقة ربما عاشت في ظروف أفضل من الأجيال اللاحقة، لأنَّ تلك الأجيال لِأَنَانِيّتها ومَحدُودِية رؤيتها لم تُفكِّر بأحوال الأجيال القادمة وما عليها أن تفعله لخدمتهم، بل إنَّها تجتهد في القضاء عليهم ودَفْعِهِم إلى حروب ومعارك عَبَثِيَّة داخلية وخارجية اقرأ المزيد
البشر يَمِيلُ لِتَحْرِيف المعارف وتَطوِيعِها لتَخْدِم أهواءه وتَطَلُّعاتَه مهما كانت غير مُتوَافِقَة مع إرادة الحياة. وبسبب هذا المَيْل الغَرِيزي تعَدَّدت الروايات حول موضوع واحد، وتناقَضَت وِفقًا للفترة التي تُروَى بها، فكلٌّ يُغَنِّي على لَيْلَاه، والحقيقة مَطْمُورَة في الغَثِيث المُتناثِر في دروب الأجيال. ولهذا فالاعتماد على ما ورد في كتب التاريخ (مهما اقتنعنا بمصداقِيَّتِه) فلن نقتَرِب من الحقيقة، وإنَّما سنستنتج ما يُوحِي برأي أكثر مَعقُولِيَّة من غيره وحسب، أي أن ما نتوَصَّل إليه اقرأ المزيد
العرب لم يكتشفوا أنفسهم، وإنَّما الأجانب اكتشفوهم وأعلموهم بأنَّ لديهم تأريخ حضاري عليهم أن يعرفوه! الحضارات القديمة في وادي الرافدين والنيل لم يكتشفها العرب، بل المُستَشْرِقُون الذين غامروا بحياتهم وجاؤا إلى دِيَارِنا وخَيَّموا في أماكن نخشى أن نَصِلَ إليها، ونقَّبُوا وبحثوا ودرسوا وأثبتوا أن لِلعَرَب حضارات عريقة ولولاهم ما عرفنا شيئًا عن تاريخنا القديم. لقد فكُّوا رموز اللغة الهيروغليفية والمِسْمَارِيَّة، وعلَّمُونا اقرأ المزيد
في مجتمعات الدنيا التي نَصِفُها بما يَحلُو لنا من الأوصاف السلبية، هناك بنوك للطعام مُنتَشِرَة في مُدُنِها لتزويد الفقير بالطعام المجاني طِيلَة أيام السنة. وفي مجتمعاتنا المُتَدَيِّنَة الرحيمة الرؤوفة العَطُوفَة ربما لا يوجد بنك واحد في أي مدينة من مُدُنِنا. وتَجِدُنا في شهر رمضان نَتَبَجَّح بِسَلَّة الطعام التي نُوَزّعُها على المحتاجين، وكأنَّنا نقوم بِعَمَل بُطُولِي وإنجاز إنساني خارق، وبمنّية على أبناء الوطن المنكوبين اقرأ المزيد
رَكِبتُ البلدان بِعُقول أبنائها. وقيمة أيّ بلد تتناسب طردِيًّا معها. وكُلَّما تفاعلت العقول تقدَّمت البلدان وتحقَّق مُرَادُها المأمول. هذه معادلة حضارية ذات نتائج معلومة ومُؤكَّدة، لكنها لا تنطبق على كافة الشعوب والبلدان، فهناك بلدان مُتَّخِمَة بالثَّراء العقلي والمادي وهي أتعس البلدان، وأهلها تهجرها وتكره العيش فيها مهما عانت في غيرها من الأوطان. وهي حالة مُحَيِّرَة تستوجب تفعيل الأذهان! الوعاء قد يَلْفِظُ ما فيه أو يَتَقَيَّأه لعدم مُوَاءَمَتِه له، فالماء مثلا يمكنه أن يكون في أي وعاء، لكن السوائل الأخرى ربما تحتاج لِأَوْعِيَة خاصة لأنَّها إن لم توضع في الوعاء المُتَوَافِق معها فستأكل ذلك الوعاء، فالخَلُّ مثلًا أو الكحول اقرأ المزيد
رَكِبتُ أنواع القطارات في الصين واليابان، وقِطارًا من القاهرة إلى الإسكندرية، فوجدت الفرق بين الحالتين، وذَكَّرَني بقطار بغداد – الموصل الذي لا تتجاوز سرعته الخمسين كيلومترًا في الساعة في أحسن الأحوال، ويُصاب بأًعْطالٍ في منتصف الطريق، مِمَّا يَضْطَرُّنا لمغادرته والوقوف في الشارع تحت رحمة أصحاب الباصَات الذين يَرْأَفُون بحالنا ويسمحون لنا بالوقوف بين الركاب. ولا أذكر أنَّه قد خَرَج عن السكة ذات يوم، ربما لأنه بطيئ الحركة. وفي بعض دولنا اقرأ المزيد
العرب لا ينتمون للتَّأخُّر ولا للتَّخَلُّف، وهم موجودون وفاعلون ومتفاعلون، وتَسُودُهم السلبية والعدوانية التَّصارُعِيَّة التي تستنزف طاقاتهم وتُبَعْثِر جهودهم وتُكَبِّلُهُم في متاهات ضارة ومُتعَارِضَة مع حاضرهم ومستقبلهم. فالمطلوب من نُخَبِهِم ومُفَكِّرِيهم وكُتَّابِهم التَّنوِيرِيِّين إلغاء مصطلحي التأخر والتخلف، والاقتراب من الحالة العربية بأسلوب جديد يساهم في إضعاف عناصر الصراع والعداء، وتأمين الظروف الموضوعية للتواصلات التعاونية الأخوية النافعة للجميع. اقرأ المزيد
النانوتكنولوجي هو المستقبل الذي سيهيمن على ما تبقى من القرن الحادي والعشرين, هذا العلم المرعب المطلق الوهاج بدأ بمحاضرة بعنوان "هناك فضاء واسع في القاع" للفيزيائي الألمعي "رجارد فين مَن" بتأريخ (29\11\1959). وخلاصتها أن الصغير يستوعب الكبير, وكل كبير مهما تمادى في حجمه يمكن احتواءه في أصغر ما يمكن. فالجُرم الأكبر من الأكبر ينطوي في الجُرم الأصغر من الأصغر, ومن هنا فإن ضغط المعارف والمعلومات يتواصل, في مسيرة الوصول إلى إليكترونات فردية تحمل اقرأ المزيد
العالم يتحرك وفقا لقوانين كونية تتحكم بالحياة الأرضية, ولا يمكن لسلوك أرضي أن ينجو من سطوة القانون الكوني الفاعل فينا, وما يجري فوق التراب من ظلم وقهر لا يتوافق والقوانين والمعادلات الكونية الضابطة لديمومة الحياة وسرمدية البقاء. وهذا يعني, أي انحرافٍ عن المسار المحسوب ستترتب عليه نتائج متوازنة معه لتعيد الحركة إلى نصابها والانسجام إلى طبعه. وفي الأرض آثام وخطايا, تتكفل العدالة الإلهية بتقيمها والقصاص من الظالمين فيها, ويأخذ كل ذي حق حقه مهما توهم الباغون, وامتلكوا من مفردات القوة والاقتدار اقرأ المزيد