في عالم يتقن فيه الجميع ارتداء الأقنعة الاجتماعية، يقف العصبي وحيدا عاريا من كل تصنع، يرتفع صوته فجأة كرعد صيفي، تحمر وجنتاه في ثوان، وينفجر غضبه أمام الملأ دون خجل أو مواربة، فيسارع الناس لوضعه في خانة «صعب المراس» أو «سيئ الطباع»، لكن الحقيقة التي غابت عن كثيرين أن هذا العصبي الصاخب قد يكون أطيب من عشرة هادئين مجتمعين! السر يكمن في طبيعة العصبي النفسية الفريدة، فهو ببساطة لا يملك تلك الخزائن السرية في أعماق نفسه حيث يخزن الآخرون أحقادهم وضغائنهم لسنوات طويلة إنه مثل اقرأ المزيد
مرت التجربة الإنسانية في حقل العلم بمراحل تطورية تراكمت عبر التاريخ، إلى أن خرج من رحم الفلسفة العلوم الحديثة بشقيها التجريبي والإنساني واللذان في رؤيتي الشخصية لا ينفكان عن بعضهما بل هما لصيقان مثل كمنجة ووتر، لا يمكنك العزف بأحدهما دون الآخر. بعد ظهور التقسيمات التخصصية العلمية الناتج عن تراكم المعرفة وتعقيدات العلوم التي تتنامى بسرعة خيل راكض في مدينة مزدحمة، وثب جمع من الحاصلين على شهادة أكاديمية تحمل بكالوريوس الطب اقرأ المزيد
نحن البشر كائنات عجيبة، نحتاج إلى نهايات واضحة كحاجتنا إلى بدايات جميلة، بل ربما أكثر، فالنهايات ليست مجرد تفصيل ثانوي نلقيه على هامش الحياة، بل هي الشرط النفسي الضروري الذي يسمح لنا أن نقلب الصفحة بسلام، وأن نضع النقطة الأخيرة في آخر السطر، ونمضي إلى سطر جديد، دون أن نظل معلقين بحبال الماضي كأوراق خريف تأبى السقوط من شجرة ميتة! ورغم أهمية النهايات، لكن الحياة لا تمنحنا دائماً ترف وجودها، فكثير من العلاقات لا تنتهي كما ينبغي لها أن تنتهي، فتجدها تنتهي فجأة كحبل مشدود انقطع من المنتصف، اقرأ المزيد
المذياع والتلفاز والصحف والمجلات ربما فقدت الكثير من قيمتها ودورها في الحياة المعاصرة، فالوسائل الحديثة المحمولة في الجيب والفاعلة على شاشة صغيرة، تستنزف الوقت وتستحوذ على الإنتباه والتركيز في كل مكان. فاجأني شاب بمعرفته الفياضة عما يجري في الدنيا من أحداث وهو على أتم الوعي بالأخبار، وعندما سألته عن كيفية معرفته هذه، أشار إلى هاتفه النقال: إنه يحيطني بكل شيء!! فهل نحن أمام عصر شديد؟ من أخطر ما تواجهه الشعوب هو الوعي المتواصل، ولهذا تعمد أنظمة الحكم على التجهيل وحجب المعلومات وإشاعة التشويش اقرأ المزيد
"فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير" الحج 28 الفقر في مجتمعاتنا يتنامى والإحصاءات تشير إلى أن ما يقرب من سبعين مليون إنسان بيننا هم تحت خط الفقر. وتعريف الفقر يختلف ما بين المجتمعات، فبعضها تحسب الذي دخله عشرة آلاف دولار سنويا فقيرا، وبعضها ربما يكون الفقير فيها مَن دخله أقل من مائة دولار، وغير ذلك من الأوصاف. لكن الفقير يمكن تعريفه بأنه الذي لا يمكنه أن يجد سكنا لائقا ولا تعليما مناسبا ولا رعاية اجتماعية كريمة، ولا فرصة عمل بواسطتها يحقق حياة اقرأ المزيد
مجتمعات الدنيا منهمكة في العمل وبالجد والاجتهاد المتنوع الخلاق، وهمومها اقتصادية استثمارية، ذات تطلعات وطنية وربحية، ولا تجد وقتا تبدده بالخيالات. العمل الجاد المنتج دينها ومذهبها ووطنها، فلا شيء يتفوق على عقيدة العمل. مجتمعات تزرع وتصنع وتطعم نفسها، وتصدر ما تنتجه للآخرين، وتبني بلدانها وتتفاخر بقدراتها العمرانية وجمال مدنها، وبمصانعها وعزتها ومناعتها، وكلها أسسها العمل المتواصل والاجتهاد المواظب. مجتمعات تُعلم أبناءها، وترعاهم وتستثمر في طاقاتهم، وتوظفها لبناء القوة الوطنية الواعدة. مجتمعات اقرأ المزيد
ذهبت مع صديق لي لشراء بعض الملابس، لفتني مانيكان، تعلق نظري به أكثر من اللازم، ذلك المسخ الذي يحاكي الجسد البشري وتعلق عليه الملابس للعرض وجذب الجمهور. وجدتُ أن صانعي المانيكان لم يهتموا بوضع عينين وفم، بينما يوجد أنف ورأس في الغالب، بعضها بلا رأس! فاهٌ مصمت وجسد يشبه الجسد البشري، قلت في نفسي: هذا هو المسخ. بالتأكيد ليست هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها مانيكان، لكني كنت غاضبا بعض الشيء أو الكثير منه، فكنت أمارس التأمل! لتهدئة أعصابي المتحفزة. اقرأ المزيد
الشك بدأ يدب في النصوص المنشورة، ويتهمها بأنها من نتاج الذكاء الاصطناعي. إنه مخترع يتفاعل مع البشر وكأنه عقل آخر، والبعض يرى أنه سيكون منافسا لعقولنا في العقود القادمات، وإن صح هذا التوقع فأن أدمغتنا ستضمحل، وعقولنا ستبيد، وستتحكم بنا الآلة. قبل عقود قال لي زميل صيني: "سيأتي اليوم الذي نستغني فيه عن عقولنا "، وتعجبت من كلامه وما اتفقت معه، لكننا اليوم نعيش على أعتاب ذلك التطور الاختراعي المرعب. تطبيقاته تجيبك على أي سؤال اقرأ المزيد
هناك لحظة في منتصف العمر تأتي كالصفعة الهادئة، حين يستيقظ المرء ذات صباح فيكتشف أنه كان نائما طوال رحلة حياته، وأن يديه لم تكونا على المقود أبدا، وأن حياته كانت تسير على وضع الـ«Autopilot» دون أن يدري! نظام الطيار الآلي هذا لا يركبه أحد عن قصد، بل يتسلل إلى حياتنا كاللص الماهر، يبدأ بالروتين المريح، بجملة «سأفعل ذلك غدا»، بالقرارات المؤجلة التي تصبح مع الوقت قرارات منسية، بالأحلام التي تنتظر «اللحظة المناسبة» التي لا اقرأ المزيد
ما أرخص البشر، وأسهل قتله بالجملة وبالمفرد، وحرمانه من أبسط حقوق الحياة وأسباب العيش الرحيم. فالملاحظ أن القتل أصبح أمرا عاديا واعتادت عليه المسامع في المجتمعات الحرة التي ترفع رايات حقوق الإنسان. فما أوفر السلاح الشخصي والجماعي بمدافعه وقنابله وصواريخه ومسيراته ووسائله الإبادية المرعبة. ويتوارد في وسائل الإعلام المتنوعة ذكر الأعداد، وكأن البشر أرقام وحسب، فيذكرون مات ألف أو عشرة آلاف، وطمرتهم بيوتهم اقرأ المزيد