إغلاق
 

Bookmark and Share

الإعلام، وصناعة تاريخ بديل2 ::

الكاتب: د. أحمد عبد الله
نشرت على الموقع بتاريخ: 05/12/2006

 
شعرت ورأيت وسمعت كيف صار الإعلام يصنع تاريخاً غير التاريخ، وينشر اهتمامات وأولويات وخرائط مضللة وتابعة لإهواء القائمين عليه، أو جرياً وراء الإثارة والفرقعات بعيداً عن الأسئلة الأهم، والأحداث الأولى بالمتابعة.

انتصار المقاومة في لبنان كم كان مهولا؟، وكم يحتاج إلى أن يكون بداية عصر جديد، واتجاهات جديدة، ولحظة منعطف في تاريخنا الحديث، ولكن تاريخاً بديلاً يرُاد له أن يكون!! تاريخ تصنعه أدوات صناعة المعاني، وأجهزة التضليل والتجهيل، والقطعان تسير!! إسرائيل تدرس آثار الحرب، وتعتبر بدروسه، ونحن، أين نحن؟!

أحببت أن نخوض تمريناً عملياً على فحص هذا ونقده من خلال دراسة حالة محددة هي "إيران"، وما يقال عنها في الإعلام وفي المجالس والحوارات السائدة، ودعوت للساقية صديقي الدكتور "مصطفى اللباد" الخبير المختص في الشئون الإستراتيجية التركية والإيرانية، ولفت نظري وجود عدد كبير حضوراً في القاعة لهذه الندوة، ويبدو أن الموضوع قد جذب عدداً لا بأس به من المهتمين.

بدأت بالحديث عن فكرة هذه الندوة ثم أعطيت الكلمة للدكتور مصطفى الذي تناول أولاً دور الإعلام والمصطلحات الإعلامية منذ أول يومٍ في حرب لبنان، وكيف كان الإعلام سلاحاً هاماً فيها يمهد الطريق، ويغطي على الجرائم، ويسمي الأشياء بغير أسماءها الحقيقة!! إدانة حزب الله طول الوقت، والإعلام عن ميلاد شرق أوسط جديد، وكيف تحول هذا كله فيما بعد !! ؟!

هذا ما رأيناه جميعاً ثم ماذا جرى بعد وقف إطلاق النار على الرغم من أن شيئاً مما أرادته إسرائيل وأمريكا لم يتحقق، وجدنا من يتساءل: هل ما حصل هو نصر للعرب ولبنان؟! ووجدنا نغمة "شيعة وسنة" تعلو للتعليم على الصراع الرئيسي الأهم والأسخن في المنطقة بيننا وبين إسرائيل!!

أما إيران ـ أستطرد د. مصطفى ـ فهي بلد قديم بينه وبين العرب احتكاكات وتنافسات وطموحات وسوء تفاهم كما تحالفات هذه الدولة الإقليمية الكبيرة هي جارة مهمة، ومن الطبيعي في هذا العصر أن تبحث عن مصادر القوة بأنواعه، ومنها السلام غير التقليدي، ومن المفهوم والمتوقع والحاصل فعلاً أنها تتمدد في الفراغ الناتج عن تراجع وانسحاب الدور المصري والسعودي في المنطقة، وهذا الفراغ بهذا الحجم ليس مسبوقاً بالنسبة لمصر منذ عصر "محمد علي" يقول اللباد، وطبيعي عندما ينكفئ طرف إقليمي كبير مثل مصر أن تتقدم مشاريع أخري إقليمية جارة مثل إيران، او غربية مثل إسرائيل مدعومة بأمريكا!!

تبدو تركيا منكفئة عن لعب دور في المنطقة بسبب العازل الكردي في العراق، وإعطاء أولوية للتوجه صوب الانضمام إلي الإتحاد الأوروبي، وعدم وجود جناح أو تيار داخلي قوي في الطبقة السياسية التركية حالياً للتوجه عربياً.

وفي لفتة ذكية أشار د.اللباد إلي أن مصر استخدمت الأزهر ضمن أدوات ممارسة دور إقليمي وإسلامي حين كانت ناشطة في لعب هذه الأدوار، ونفس هذا المسلك الطبيعي المتوقع هو ما تمارسه إيران حين تستثمر علاقتها مع حزب الله، وأضيف أنا "ورقة الشيعة" في إطار طموحها إلي ممارسة دور إقليمي أوسع!!

ثم أشار المتحدث إلي أن الشيعة العرب، وحتى داخل إيران نفسها ليسوا كتلة مصمتة، وبالنسبة لشيعة العراق فإنهم - في أغلبهم يعتبرون أنفسهم أصلا لمذهب ومركزه الأساسي في النجف وكربلاء.. الخ، وكذلك فإن حالة حزب الله لا تقبل التعميم، وتساءل لماذا لا نتفهم أن هناك شيعة ضد أمريك، وشيعة معه، مثلما هناك سنة هن، وسنة هناك؟!

وقال أن هناك اتجاهات وأجنحة داخل كتل الشيعة كما السنة، وقال أن الوضع السكاني "الديموغرافي" عربياً لا يسمح بمشروع مستقل للشيعة فهم في مجمل المحيط العربي لا يزيدون عن نسبة الخمسة عشر بالمائة!!

وأشار د.اللباد إلي ما يتردد عن ظلم تاريخي للشيعة في بعض بلدان العالم العربي مثل السعودية والعراق، وهو مالا يمكن نفيه، ولكن أيضا ينبغي.

عدم إعطاء فرصة للاستخدام الخارجي لمثل هذا الوضع!!
وأضاف أن منطقتنا طوال تاريخها تضم تنويعات عرقية ومذهبية وطائفية ودينية، وأن ضمن المقصود من الشرق الأوسط الجديد هو تمزيق وتفتيت القوي الإقليمية الكبرى فيه، أو شل الإعلام، فيقال قنبلة نووية شيعية مثل، ولا يذكر أحد عن القوة النووية الإسرائيلية،]وشاهدت أنا غلاف مجلة سعودية يضع الخليج العربي وكأنه بين خطرين الإيراني والإسرائيلي، وهو عين ما تناولته ندوتنا من خلط للأوراق، وقفز فوق حقائق وبديهيات بسبب السذاجة أو لخدمة أنظمة الحكم، أو المخططات الأمريكية، وفينا من يسمع هذه اللغو المنمق يحسبه وعياً وتحليل، بينما هو محض تضليل، وتاريخ بديل!!

ويري د. اللباد أن التاريخ دائما تحركه المصالح، والحروب كذلك، والإعلام سلاح في المعارك، والأديان مستخدمة طبعاً في اطر وخلفيات ويوميات الصراع أو الصراعات، كما يري أن امريكا تريد شرقاً أوسطاً لمصلحتها بالتأكيد، ويري أن إيران تبدو هي كدولة العقبة الأخيرة في المنطقة أمام المصالح الأمريكية وأمام الشرق الأوسط الكبير أو الجديد، ولذلك فإن الضغوط عليها تتزايد بدعوى استخدامها للطاقة النووية، وأن أثر هذه الضغوط يتضاعف على إيران في ظل غياب البائس لمصر والسعودية وتركيا هل لعب أي دور إيجابي في المنطقة أو أي تواصل إيجابي مؤثر مع إيران، ويزداد الطين بلة بفعل الحملات الإعلانية الشرسة، والمناخ المسموم ضد إيران والشيعة، وأضيف أنا أن ما يحدث في العراق من تحركات إجرامية وانتقامية من بعض الشيعة تجاه السنة، وأحيانا بالعكس، من شأنه زيادة البلبلة المطلوبة جدا في إطار الفوضى الخلاقة كما تسميها وتريدها أمريكا، وفي إطار الالتفاف على نصر لبنان، ونشر تاريخ بديل!!

المناقشات بعد ذلك دارت حول نقاط عديدة منها معالم الطموح الإيراني بدور أكبر في الإقليم، والتي يمكن تصورها على أنها إمكانية تفاوض وحوار مع الغرب كدولة عظمى إقليمية، ونوع من الانتشار الثقافي والمعنوي والسياسي والاقتصادي، وإن كانت اللغة والمذهب الشيعي تبدو عقبات في سبيل هذا، كما تطرقت المناقشات كأن العلاقة تكون مضطردة بين الضغوط والمقاطعة، والحملات الإعلانية على بلد مثل إيران، وبين موقفها عربيا ومذهبيا، وطرح البعض أهمية مثل هذه اللقاءات في بناء ونشر وعي سليم بالتاريخ الصحيح، وقائمة الأولويات والمصالح الحقيقية للأمة العربية والإسلامية، بدلا من الكذب والتضليل، ونشر الفوضى في المفاهيم، والتزييف للحقائق، ولي أعناق التاريخ والجغرافيا، ولا يستفيد من هذا غير أعدائنا.

أكد الحضور بالإجماع على أهمية الدور الشعبي، والمبادرات الأهلية في تغيير الخرائط الذهنية والتفاعلات بين شعوب المنطقة، والحوارات المطلوبة بإلحاح بين تنويعاتها العرقية والمذهبية، ونزع فتيل ألغام كثيرة تمتلئ بها أرضنا، ويبدو والمستقبل في ظلها مسكونا بالقلق واحتمالات الفشل!!!

للتواصل:
maganin@maganin.com

واقرأ أيضًا:
على باب الله: لبنان في القلب / على باب الله أثينا..لأول مرة -2 / لبنان.. رحلة الحياة 5  / على باب الله نعمة رمضان30/9/2006  / البابا ... والذي أسأنا فهمه(2) / على باب الله: مشروعان / أقول لهم نصرٌ.. فيقولون شيعة / على باب الله: قمر فالنسيا / على باب الله: الإنسانة / عاجل من لبنان 29، 30 /8/ 2006 / على باب الله: الأرض البور  / حروبنا وقتلانا 21/8/2006  / عاجل من لبنان 28/8/2006 / عاجل من لبنان 27/ 8 / 2006  / أنا والجهاد وهواك  / حروب الإدراك والكرامة  / نصر المقاومة... ومضة أم مسار؟!  / على باب الله: أمة في حرب  / على باب الله خدعوك فقالوا: أجازة / وحملوها.... فطارت في الهوا الإبل / وجع المخاض 2/8/2006  / قانا وما بعدها بيروت يصل ويسلم / أجندة دعم المقاومة 28/7/2006 / الإعلام الشعبي 30/7/2006  / على خط النار كلنا مقاومة 26/7/2006  / أجساد ساخنة 24 7 2006  / رسائل فك الحصار 24 /7 /2006  / هذا الذي أفعله..المجد للمقاومة / على باب الله أشباح بيروت  / على باب الله: معركة الخيال/على باب الله التعبير والتفكير /على باب الله يوم الخامس من يونيو /على باب الله: وائل خليل 10/5/2006  / على باب الله: أخيرا... براغ / على باب الله: بيروت، خيالات ونفحات / على باب الله: في انتظار خديجة / على باب الله الثقافة والسياسة / على باب الله في زمن الموبايل 25 /3/ على باب الله:موقعي / على باب الله : التفكيك والتشكيك/ على باب الله: مغامرات في السليم  / على باب الله: جريمتان / على باب الله: مصر في كلمتين/ على باب الله: فجأة ..... / على باب الله: في بيتنا هيفا !!!!!!!!!!! / على باب الله:المشي / على باب الله ---------- كيف نقرأ ؟! /  على باب الله مع المراهقين / على باب الله: حكايات أصحابي / على باب الله: كيف تسافر بأقل التكاليف؟!! / على باب الله: الطبخ الثوري/  على باب الله: لندن دفء الحب / على باب الله: عائد من استانبول / على باب الله: (أحداث كنيسة الإسكندرية ) /على باب الله: رمضان العهد والوفاء/ على باب الله: عن العسكرة والأقدمية / على باب الله التعويذة  / على باب الله: الأصل والواقع / على باب الله الحوار / على باب الله جواز سفر / على باب الله: الطريق إلى بودابست / على باب الله بودابست  / على باب الله: وداعا بودابست / على باب الله: بنية وبيئة / على باب الله رسل النور/ على باب الله: إفتكاسات:29/ 5/2006 / على باب الله: أنهار سرية /على باب الله من منازلهم، وموقعي المفضل / على باب الله قطار الليل والنهار / على باب الله العيش موتا في أوطان تنتحر / على باب الله: دماغك فين؟!!على باب الله: قالت لي  / على باب الله عن التركيز والنسيان 7/10/2006  / على باب الله: الإيمان؛ قصة ومناظر  /  على باب الله: ماذا نقول إذن؟!  / على باب الله: أنا والجهاد وزويل!!  / على باب الله: وطن في التيه / جرى إيه يا ((بابا)) ؟ زعيم عربي تقولش؟!! / الإعلام وصناعة تاريخ بديل 15/10/2006  / على باب الله: رائحة العيد
 / على باب الله: غاوي شعب!! / على باب الله: خرائط العشق القاني 



الكاتب: د. أحمد عبد الله
نشرت على الموقع بتاريخ: 05/12/2006