الديمقراطية روحها المعارضة وأساسها التنافس الانتخابي والحس الوطني القابل للنتائج أيا كانت، ولا يجوز التفاعل السلبي والتحول إلى ميادين تصارعات وعدوان بيني، فمَن لم يفز يكون في صفوف المعارضة التي تعني المراقبة الوطنية النزيهة الخالصة لتصرفات الحكومة المنتخبة، وتعديل سلوكها إن كان مضرا بالمصالح الوطنية، والإشارة إلى سقطاتها وتصرفاتها المرفوضة من الوطن. والمعارضة تعني الجماعات والأحزاب التي تعارض الحكومة أو السلطة الحاكمة، أي تختلف معها في الرأي أو البرامج أو القرارات، إذ تسعى المعارضة لتحسين الأوضاع اقرأ المزيد
فاجأتني رسائل العديد من الأصدقاء والقراء حول مقال الأسبوع الماضي، «أن نحتفي بإخفاقاتنا»، تلك الرسائل التي لم تحمل عبارات الإطراء والمجاملة المعتادة، بل اعترافات شجاعة عن... الفشل! المدهش هو أن معظم من أرسل تلك الرسائل هم من الناجحين في مجالاتهم، وبعضهم من أعلام الريادة في عالم المال والأعمال، لكن رسائلهم لم تكن عن أبرز إنجازاتهم، بل عن قصص لتجارب لم تنجح، ومشاريع واعدة انهارت، وأحلام نبيلة تحطمت، وقرارات خاطئة كلفت أصحابها الكثير، ورغم الخيبة التي قد يشعر بها الكثيرون ممن يمر بكل هذا، فإن أصحاب الرسائل كانوا يؤكدون على أن ما تعلموه من تلك التجارب اقرأ المزيد
في كل مرة أُدعي فيها للحديث عن تجربتي الإدارية، أرى في عيون الحضور ذلك البريق المألوف، ينتظرون قصة نجاح أخرى تُضاف لمخزون القصص المصقولة التي تعودوا عليها في محاضرات من هذا النوع، تلك المحاضرات التي تبدأ دائماً بـ«عندما كنت صغيراً كان حلمي....» وتنتهي بـ«والآن أقف أمامكم كرجل حقق كل أحلامه»، وكأن الحياة عبارة عن خط مستقيم دائم الصعود، دون منعطفات أو حُفر أو إشارات للتوقف الاضطراري، لكنني اليوم أحمل لكم هدية مختلفة، قصة احتفظت بها طويلاً في صندوق الذكريات المؤلمة، قصة علمتني اقرأ المزيد
ناقم: ساخط، غاضب، مستاء ما أن يبرز شخص له علاقة بنا كأمة، حتى تنهض الأقلام الناقمة من بيننا لتنهال عليه بالقدح والتراشق بما يؤكد بأننا لا يمكننا أن نكون، وعلينا أن ننغمس في مستنقعات الدونية والأنين. أبناء أمتنا يفرضون وجودهم ونبوغهم وقدراتهم الحضارية النادرة في دول الدنيا، ونحن نتنكر لهم ونتبرأ منهم ونتهمهم بما يسيء إلينا وإليهم، وكأننا مسخرون للعمل ضد أمتنا. يفوزون بجوائز نوبل وبمناصب سياسية ولا نقف معهم بل نطاردهم بالكلمات، التي تحط من قدرهم وتبحث عن اقرأ المزيد
لا يجوز الخلط بين أنوار العصور وتقديس بعضها، فما كان صائبا في أوانه لا يصح في غير عصره. بعض المجتمعات تعاني من غياب الفواصل بين العصور، ويتسيّد في وعيها الجمعي عصر تنتقيه على ما يليه من العصور، ويفترس وجودها المعاصر. قراءة الأحداث يجب أن تكون بعيون عصرها، لتتأكد الموضوعية النسبية، ويضمحل التضليل والتوظيف المنحرف للأحداث لغايات خفية. قراءتنا للأحداث بعيون عصرنا اعتداء على الأجيال التي عاصرتها وأحدثتها، فلكل حدث أسبابه الموضوعية ونوازعه البشرية، وتفعل فيه النفوس الأمّارة بما فيها، ما دامت عناصره بشرية، عاشت وماتت، فلا يمكن القول بأنها ليست للبشر بصلة، مهما كان مركزها وتوصيفها. اقرأ المزيد
دول الدنيا تحتفي بالحيوانات وتجعلها شعارا لها، فالديك في فرنسا والثور في إسبانيا، الفيل والحمار شعاران للحزبين الجمهوري والديمقراطي في أمريكا، وهناك العديد من الحيوانات التي تتخذ رموزا وشعارات للتعبير عن إرادة المجتمعات. فلماذا لا نتخذ من البعير رمزا وشعارا؟!! البعير صانع الحضارات وسفينة التواصل بين الشعوب على مدى التأريخ، حتى ابتكار وسائل النقل الحديثة في بداية القرن العشرين، ولا يزال أفضل وسائل النقل والتواصل في الصحارى، فهو يتحمل العطش ويمنح أسباب الحياة للمجتمعات البدوية. البشرية عبر العصور امتطت اقرأ المزيد
في زمنٍ تتكاثر فيه الألقاب، صار بعض الناس يعتقد أن الشهادة العليا جواز مرورٍ إلى صوابٍ أبدي، فما أن تُضاف كلمة «دكتور» إلى الاسم حتى يتحول الرأي الشخصي إلى فتوى معرفية، والميل العاطفي إلى «نتيجةٍ علمية»، ويصبح الخلاف مع صاحبها نوعاً من التجرؤ الوقح على الحقيقة، رغم أن الحقيقة لا ترتدي، حسبما أعرف، روب التخرّج! العلم، مهما علت درجته، لا يهب صاحبه عصمةً فكرية، بل يُفترض أن يمنحه تواضعاً معرفياً يدفعه إلى الشك أكثر مما يمنحه يقيناً، غير أن كثيرين ممن بلغوا أعلى الدرجات الأكاديمية يخلطون بين المعرفة كأداةٍ للفهم والمعرفة كوسيلةٍ للتأثير والسيطرة، فترى بعضهم يتحدث في قضايا الإنسان والحياة والحب والروح والمجتمع، كما لو اقرأ المزيد
أقلامنا تخط بمداد الرثاء والاستياء على مر العصور، ولا تزال في أوج تعبيراتها البكائية وإبداعات الندب والقسوة على الذات والموضوع. دموع دموع، إيقاع تفاعلاتنا دامع حزين، يفوح منه الأسى والأنين، ولا توجد كوة للفرح أو نافذة لدخول أنوار الحياة إلى دياجير مآسينا. ثراء وخواء، ومعاشر مساكين وفقراء، يعيشون بإملاقٍ وعناء، وبعض يثرى ويبني كروشا، وأكثرية جائعة تستجدي العطاء من سراق حقوقها الأجلاء. اقرأ المزيد
في كل فصل دراسي، هناك ذلك الطالب الذي يجيب على كل سؤال قبل أن ينتهي الأستاذ من طرحه، يحل المعادلات المعقدة وهو نصف نائم، ويشرح النظريات بطريقة أفضل من الكتاب نفسه، نقف أمامه مبهورين، نهمس لبعضنا: «هذا الشخص سيصبح شيئاً عظيماً يوماً ما»، ثم تمضي عشرون سنة، فنجده لم يتحرك من مكانه، بينما تجاوزه من كان يجلس خلفه في الفصل! في مسرح الحياة هنالك أمور محيّرة، أحدها أن الذكاء، ذلك الشيء الذي نتباهى به ونعتبره تذكرة الدخول إلى عالم النجاح، قد يتحول أحيانًا إلى اقرأ المزيد
في الساعة السادسة صباحاً، يستيقظ آلاف البشر ليذهبوا إلى أعمال تسحق أرواحهم، يحملون ابتسامات مزيفة، يتجرعون إهانات مهذبة، يعودون منهكين لبيوت قد لا تكون أكثر راحة، ثم يأتي من يقول لهم بكل بساطة: «اعتزل ما يؤذيك»، وكأن الحياة مسرحية يمكنهم الخروج منها متى شاؤوا، وكأن الالتزامات محض أوهام، والمسؤوليات مجرد خيارات! «اعتزل ما يؤذيك»، نصيحة تبدو حكيمة في عالم مثالي، لكنها في عالمنا الحقيقي تشبه أن تقول للسمكة اتركي الماء إن كان ملوثاً، أو للطائر تخلَّ عن جناحك المكسور، اقرأ المزيد



